غياب العمل المؤسسي وتأثير الشلالية والمحسوبية

نعائم خالد
يعتبر العمل المؤسسي ركيزة أساسية في نجاح أي منظمة أو مجتمع، حيث يساهم في تحقيق الأهداف بكفاءة وفعالية. ومع ذلك، يعاني العديد من المؤسسات من غياب العمل المؤسسي الفعّال، خاصة بسبب ظهور ظاهرتي الشلالية والمحسوبية، مما يشكل تحدياً كبيراً يؤثر سلباً على الأداء الإداري ويقلل من قدرة المؤسسات على خدمة المجتمع في جميع المجالات.
مفهوم الشلالية والمحسوبية
الشلالية تعني تفضيل مجموعة معينة من الأفراد بناءً على الروابط الشخصية أو الانتماءات، بدلاً من الكفاءة أو الخبرة. أما المحسوبية فهي تشير إلى تفضيل الأفراد بناءً على العلاقات الشخصية دون مراعاة للجدارة. هذان المفهومان يشكلان ظاهرتين مترابطتين تؤديان إلى إقصاء الكفاءات الحقيقية من المناصب القيادية، مما يضعف القدرة على اتخاذ القرارات السليمة ويقلل من فعالية الأداء المؤسسي.
تأثير الشلالية والمحسوبية على العمل الإداري
عندما تُعطى الأولوية للروابط الشخصية على الكفاءة، فإن ذلك يؤدي إلى عدة آثار سلبية على العمل الإداري، منها:
إضعاف الكفاءات: يتم تجاهل الأفراد المؤهلين الذين يمتلكون الخبرات والمهارات اللازمة، مما يسبب تراجعاً في مستوى العمل وجودته. قد يتم تعيين أشخاص غير مؤهلين لمناصب قيادية، مما يؤدي إلى قرارات غير مدروسة تعود بالضرر على المؤسسة.
تخفيض الروح المعنوية: يشعر الموظفون الذين يتم تفضيلهم بناءً على العلاقات الشخصية بالاستحقاق، بينما يشعر الآخرون بالإحباط. هذا الإحباط يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية وزيادة معدلات الاستقالات، مما يؤثر على استقرار المؤسسة.
تدهور القرارات الإدارية: القرارات تُتخذ بناءً على العلاقات وليس بناءً على المعطيات والحقائق. هذا الأمر يضعف الجودة العامة للقرارات، مما يؤدي إلى نتائج سلبية على المدى الطويل، مثل انخفاض مستوى الخدمات وارتفاع التكاليف.
فقدان الثقة: عندما يدرك الأفراد أن التعيينات والترقيات تعتمد على المحسوبية، فإن ذلك يقود إلى فقدان الثقة في النظام الإداري. هذه فقدان الثقة يمكن أن يمتد ليشمل العملاء والمستفيدين، مما يؤثر سلباً على سمعة المؤسسة.
آثار غياب العمل المؤسسي على المجتمع
إن تأثير غياب العمل المؤسسي بسبب الشلالية والمحسوبية يمتد ليشمل المجتمع ككل، حيث:
تدني مستوى الخدمات العامة: تتأثر الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والنقل. عندما لا تُستفاد من الكفاءات اللازمة لتحقيق التطوير المطلوب، فإن المجتمع بأكمله يعاني من تدني مستوى هذه الخدمات.
زيادة الفساد: تساهم المحسوبية في تفشي الفساد، حيث تُستخدم الموارد بشكل غير عادل. هذا الأمر يؤدي إلى استغلال السلطة والموارد بطرق غير قانونية، مما يزيد من الفجوة بين الأفراد ويعيق التنمية.
إعاقة التنمية المستدامة: إن غياب الكفاءات في المناصب القيادية يعوق التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة. فبدون إدارة فعالة، يصبح من الصعب مواجهة التحديات الاجتماعية والبيئية والاقتصادية.
تراجع الابتكار: عندما يكون الأفراد غير مؤهلين أو غير ملهمين، فإن ذلك يؤدي إلى تراجع في مستوى الابتكار والإبداع. المؤسسات التي لا تشجع على التفكير النقدي والإبداع تجد نفسها في موقف ضعيف أمام التحديات المتزايدة.
الحلول المقترحة
لمواجهة هذه التحديات، يمكن اتخاذ عدة خطوات فعّالة:
تعزيز الشفافية: يجب أن تكون عمليات التوظيف والترقيات قائمة على معايير موضوعية وواضحة. يمكن تحقيق ذلك من خلال وضع معايير تقييم محددة وشفافة.
توفير التدريب والتطوير: يجب أن تُتاح الفرص للجميع لتطوير مهاراتهم وزيادة كفاءاتهم. يمكن أن تشمل هذه الفرص ورش العمل والدورات التدريبية والبرامج التوجيهية.
تشجيع ثقافة العمل الجماعي: ينبغي تعزيز العمل الجماعي والتعاون بين الأفراد، بدلاً من التنافس غير الصحي. يمكن تحقيق ذلك من خلال بناء بيئة عمل تشجع على التواصل والتعاون.
المساءلة: يجب أن تكون هناك آليات لمحاسبة الأفراد على اختياراتهم وقراراتهم. يتطلب ذلك وجود نظام رقابي فعال يُعزز من الالتزام بالمعايير الأخلاقية والمهنية.
توعية المجتمع: من المهم نشر الوعي حول مخاطر الشلالية والمحسوبية وتأثيرها السلبي على المجتمع. يمكن القيام بذلك من خلال حملات توعية وورش عمل تستهدف جميع فئات المجتمع.
الخلاصة
إن غياب العمل المؤسسي بسبب الشلالية والمحسوبية يمثل عائقاً كبيراً أمام تحقيق التنمية والتقدم في المجتمع. من الضروري أن نعمل جميعاً على إعادة بناء المؤسسات على أسس من الكفاءة والعدالة، لضمان خدمة أفضل لجميع أفراد المجتمع وتحقيق الأهداف المرجوة. بناءً على ذلك، يجب أن تكون هناك جهود مشتركة من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لضمان خلق بيئة عمل صحية تعزز من الأداء المؤسسي وتحقق التنمية المستدامة.
لاتنسى مشاركة: غياب العمل المؤسسي وتأثير الشلالية والمحسوبية على الشبكات الاجتماعية.
التعليقات (0)
أعجبني / لايعجبني
ماهو تفاعلك مع هذا ؟