بين تعافي الريال وتلاعب الأوزان: مديرية القاهرة في مرمى الحقيقة

بين تعافي الريال وتلاعب الأوزان: مديرية القاهرة في مرمى الحقيقة
بين تعافي الريال وتلاعب الأوزان: مديرية القاهرة في مرمى الحقيقة

نعائم خالد 

كعادتي، خرجت لتغطية تقرير خبري حول النزول الميداني لمراقبة الأسعار، مدفوعةً بانخفاض سعر صرف العملات الأجنبية وتعافي الريال اليمني نسبيًا. توقعت أن أجد الأسواق في حالة من الانضباط، وأن يكون المواطن قد بدأ يلمس الفرق في الأسعار والوزن، لكن ما وجدته كان أبعد ما يكون عن التوقعات.

في أحد المحال، لفت انتباهي كيس دقيق مكتوب عليه "10 كيلو جرام" بخط اليد. بدا الأمر عاديًا، حتى قرروا أتحقق من الوزن الحقيقي. كانت الصدمة: الوزن الفعلي لا يتجاوز 8 كيلو جرام! كيف يُباع ما لا يُوزن؟ ولماذا يُكتب الرقم بخط اليد؟ الأسئلة تتوالى، والإجابات تتوارى خلف أعذار واهية.

لم يكن الدقيق وحده الضحية. عبوات الحليب، الحبوب، وغيرها من المواد الغذائية أظهرت نقصًا واضحًا في الكمية، لا يتوافق مع ما هو مكتوب أو متوقع. وعندما سئل القائمين على التعبئة، جاء الرد: "الوزن ينقص بعد الطحن والتعبئة". وكأن المغالطة أصبحت غطاءً للواقع، لا تفسيرًا له.

حتى الأفران لم تسلم من التلاعب. في أحدها، يفترض أن يكون وزن الروتي 50 جرامًا للقرص الواحد. لكن ما وجدناه كان أقراصًا تتراوح بين 35 و45 جرامًا، دون أن يصل أي منها إلى الوزن المطلوب. المواطن يدفع ثمنًا كاملاً، لكنه لا يحصل على منتج كامل.

وسط هذا المشهد، برزت شخصية مدير مديرية القاهرة، أحمد مرشد مشمر، بحرص غير عادي على متابعة الأوزان والأسعار. لم يكن حضوره شكليًا، بل ميدانيًا حقيقيًا، يتنقل بين المحال والأسواق، يسأل، يزن، ويتحقق. لم أجد مسؤولًا بهذا المستوى من الالتزام، سواء في أيام الدوام أو حتى في العطل.

مشمر لا يكتفي بالمراقبة، بل يعمل على تهيئة أسواق بديلة للباعة المنتشرين على أطراف الشوارع، يمنحهم مساحة آمنة تحفظ كرامتهم وتُظهر المديرية بشكل لائق. جهوده تتوازن بين مصلحة المواطن البسيط، الذي يستحق سلعة بوزنها الحقيقي وسعرها العادل، وبين مظهر المدينة الذي يعكس روح الانضباط.

في زمن تتداخل فيه الأزمات، يصبح النزول الميداني الحقيقي فعلًا وطنيًا. نحتاج إلى مسؤولين لا يكتفون بالتوجيهات، بل ينفذونها بأنفسهم. نحتاج إلى من يضع المواطن أولًا، ويواجه المغالطات بالحقيقة، لا بالتبرير.

مديرية القاهرة اليوم تقدم نموذجًا يستحق أن يُحتذى، لا فقط في الرقابة، بل في الإرادة. وبين تعافي الريال وتلاعب الأوزان، يبقى صوت المواطن هو الميزان الحقيقي.

 

لاتنسى مشاركة: بين تعافي الريال وتلاعب الأوزان: مديرية القاهرة في مرمى الحقيقة على الشبكات الاجتماعية.