كيف ألهمت "الوقاحة" شابا فدشن شركة تربح ملايين الدولارات؟

كيف ألهمت "الوقاحة" شابا فدشن شركة تربح ملايين الدولارات؟
كيف ألهمت "الوقاحة" شابا فدشن شركة تربح ملايين الدولارات؟

لو أن موظفا وقحا في خدمة العملاء أثار غضبك ذات يوم، فستعرف سرّ احتفاظ هيكي فانانين بغضبه منذ أكثر من عشر سنوات.

في حقبة التسعينيات من القرن الماضي عندما كان هيكي لا يزال في الخامسة عشرة من عمره في قرية صغيرة في فنلندا، كان يتعين عليه الذهاب إلى متجر محلي لشراء اسطوانات كمبيوتر، ولسوء حظه، كان موظف خدمة العملاء في ذلك المتجر دائما ما يعامله بشكل مريع.

يقول هيكي الذي بات في التاسعة والثلاثين: "كان الموظف دائما وقحا ومزدرٍ. كان ذلك تنمرا بحق، كان يتعمد تجاهلي وليس خدمتي. وقد كان ذلك يثير حنقي، ولكن عندما تكون صغيرا فإنك لا تدري كيف تتعامل. لم أنس الأمر أبدا".

قصة أصغر ملياردير عصامي في العالممن مهاجر مغربي إلى صاحب أشهر متاجر للأزياء في كندا

وبعد 13 عاما وفي 2008، أصبح هيكي في الثامنة والعشرين رائد أعمال ومبرمج كمبيوتر ناجحا.

وقد أنجزت شركته المتخصصة في إنتاج ألعاب الفيديو "يونيفرسومو" أعمالا لصالح بعض كبريات الشركات في هذه الصناعة مثل سيغا وديزني ووارنر ولوكاس آرتس.

لكن هيكي بات يتطلع إلى فكرة عمل جديدة.

واستعان هيكي بخبرته التي اكتسبها إبان مراهقته في متجر الكمبيوتر في قريته، فقرر تدشين شركة تساعد غيرها من الشركات على مراقبة مستوى الخدمة التي تقدم للعملاء والعمل على تحسينها.

وبشكل أكثر تحديدا، كانت الفكرة تتمثل في بناء نموذج مادي يُسهّل الحصول على ملاحظات العملاء بحيث يتسنى لهم عبر هذا النموذج الإجابة عن أسئلة تتعلق بخبرتهم في التعامل مع الشركة، وذلك عبر سؤال عما إذا كان موظفو الشركة تعاملوا بشكل جيد بما يكفي، وعمّا إذا كان الطعام المقدم في المطعم جيدا بما يكفي، أو بمعنى آخر هل سعِد العملاء بسرعة تلبية طلباتهم؟

وتظهر الأسئلة على شاشة. ويتعين على العميل أن يضغط على واحد من أربعة وجوه "باسمة"، من سعيد جدا، إلى سعيد، إلى مستاء قليلا، أو مستاء جدا. ثم تضطلع شركة "هابي أور نوت" بجمع البيانات وإرسالها عبر البريد الإلكتروني إلى الشركة.

يقول فيل ليفانيم الشريك المؤسس لـ "هابي أور نوت": "أظنها كانت فكرة رائعة. وكنت أكاد أجزم أن أحدهم لا بد قد صنع شيئا مشابها، لكن بالبحث على الإنترنت لم أعثر على أحد وكنت مندهشا بتلك النتيجة. وعليه، فقد شرعنا في التخطيط لتنفيذ هذا التصور عام 2008، وبالفعل قمنا بتدشين الشركة عام 2009".

واليوم تلجأ نحو أربع آلاف مؤسسة في نحو 134 دولة إلى شركة "هابي أور نوت" لقياس مدى رضا العملاء عن الخدمات المقدمة. ومن بين تلك المؤسسات: مطار هيثرو في لندن، وفريق سان فرانسيسكو 49 لكرة القدم الأمريكية، وشركة بوتس لتجارة التجزئة في المملكة المتحدة، وسلسلة شركات شو ستيشن في الولايات المتحدة ومتجر كارفور العملاق في فرنسا.

وظل فيل يعمل مع هيكي في شركة "يونيفرسومو"، وبما ادخراه من أموال من مبيعاتها دشّنا شركة "هابي أور نوت".

وكانت أولى كبريات الشركات التي استعانت بـ "هابي أور نوت" هي سلسلة متاجر تعتبر من أكبر ثلاث شركات في فنلندا، وكانت تبحث عن وسيلة تستطيع من خلالها التعرف على درجة طزاجة الفواكه والخضروات في المتاجر.

يقول فيل: "لقد وجد القائمون على الأمر في المتاجر أنه وفي ظل أفضل أداء، لم يكن العملاء سعداء بحالة الفواكه والخضروات في أوقات معنية من اليوم، وباستخدام البيانات التي استطعنا توفيرها للشركة، بات في إمكانها على سبيل المثال تأمين موز طازج لفترة المساء".

وفي وقت قصير، باتت شركة "هابي أور نوت" تتطلع إلى عملاء من خارج فنلندا، وكانت البداية من السويد في الجوار. لكن، كما يعترف فيل، فإن بعض الشركات لا تهتم.

يقول فيل، 40 عاما: "لقد كنا نُقابَل أحيانا بالسخرية من بعض الشركات، لا سيما في البداية، إذ لم تكن هذه الشركات تأخذ الأمر على محمل الجد. ولم يكن القائمون على أمرها يقدّرون أهمية ما نفعل. لكن ما يدعو إلى السرور هو عدد الشركات التي قالت لنا "لا" في البداية ثم لم تلبث بعد سنوات قليلة أنْ عدلت عن رأيها وطلبت الاستعانة بنا".

وفي عام 2012، بدأت شركة "هابي أور نوت" في التعامل مع مطار هيثرو الذي لا يزال حتى اليوم أحد أكبر عملاء الشركة.

واليوم، توزع "هابي أور نوت" أكثر من 25 ألفا من نماذجها حول العالم، وتقول الشركة إن تلك النماذج استُخدمت أكثر من مليار مرة.

ويدفع العملاء اشتراكا سنويا مقابل الخدمة، وتقول الشركة إن أرباحها السنوية تتجاوز عشرة ملايين يورو (11.4 مليون دولار).

ولا يزال مقر الشركة في مدينة طمبرة الفنلندية، لكنها فتحت فروعا في أمستردام وفلوريدا.

تقول جوانا كاوسون، الرئيس التنفيذي لشركة "معهد خدمة العملاء" في لندن، إنه لمن دواعي السرور رؤية المزيد من الشركات تحاول الحفاظ على مستوى عال من خدمة العملاء.

وتضيف جوانا: "العملاء مستعدون أن يدفعوا أكثر في مقابل تحسين الخدمة، وفي ظل حالة من عدم اليقين تخيم على الحالة الاقتصادية، بات مُهمّا أكثر من ذي قبل أن تجد المؤسسات الطريق الصحيح للمرة الأولى".

وتؤكد جوانا أن "الموظفين المتبرمين كفيلون بتشجيع العملاء على العزوف عن التعامل مع الشركة. ولن تفكر غير نسبة 11 في المئة من العملاء في التعامل مجددا مع شركة تعرضوا فيها لخبرة سيئة من موظف، وسينشط نصف العملاء تقريبا في مهمة تحذير نظرائهم من التعامل مع تلك الشركة".

لكن ماذا حلّ بشركة الكمبيوتر التي اختبر فيها هيكي خبرات أليمة في صباه في قريته؟ حسنا، لقد انتهى بها الحال إلى الإغلاق.

يقول هيكي: "لم أكن الشخص الوحيد الذي لم يتسامح مع سوء الخدمة".

 

لاتنسى مشاركة: كيف ألهمت "الوقاحة" شابا فدشن شركة تربح ملايين الدولارات؟ على الشبكات الاجتماعية.

المصدر : BBC عربي