فيروس كورونا، وقصص عن التضامن في مدينة ووهان الصينية
بينما يواصل عدد المصابين بوباء فيروس كورونا ارتفاعه، اضطر الملايين من سكان مدينة ووهان في إقليم هوباي وسط الصين - مركز انطلاق الوباء - إلى التزام منازلهم في محاولة لمنع انتشار الفيروس. ولكن في زمن العزلة هذا، يحاول البعض رفع معنويات الآخرين واشاعة روح الأمل في قلوبهم.
الجيران الذين ينشرون الفرحة
يتزامن انتشار الوباء القاتل مع احتفال الصين بواحد من أهم أعيادها، عيد رأس السنة القمرية وبداية السنة الصينية الجديدة - سنة الفأر.
وهذا العيد في العادة مناسبة مليئة بالسعادة، وبالنسبة للكثيرين من الصينيين يمثل الفرصة الوحيدة في السنة التي يتمكنون فيها من لقاء أسرهم وتبادل الهدايا من طعام ونقود.
نصحت السلطات في ووهان السكان بالتزام دورهم للحد من انتشار الفيروس، ولكن سكان احد المجمعات السكنية في المدينة ابتكروا طريقة بسيطة لتشجيع بعضهم البعض ورفع معنوياتهم.
فقد أظهرت أشرطة مصورة نشرت في مواقع التواصل الاجتماعي الصينية الناس وهم يهتفون "ووهان جيايو" من شبابيك شققهم، وهو هتاف يعني "حافظي على قوتك
وينشر العديد من الصينيين من شتى أرجاء هذه البلاد مترامية الأطراف هذه العبارة تضامنا مع ووهان التي أبتليت بأكبر عدد من الوفيات جراء الاصابة بالوباء.
وجاء في احدى المداخلات "سنجتاز هذه المحنة. ووهان جيايو، كل البلاد تقف وراءكم وتدعمكم".
وفتك الوباء، الآخذ بالانتشار في أرجاء الصين وعلى النطاق الدولي، إلى الآن بأكثر من مئة مصاب - جلّهم في ووهان.
ورغم وجود الكثير من المداخلات في مواقع التواصل تعبر عن الخوف والغضب الموجه للسلطات الصينية، يحاول الإعلام الرسمي التركيز على المبادرات التي تعبر عن التكافل والتعاضد وتشيع روح الأمل، وعلى المقالات التي تصف كيفية تعاون سكان ووهان فيما بينهم لمواجهة الوباء والتصدي له.
صاحب المطعم الذي تبرع بـ 200 وجبة غداء
فقد نشرت صحيفة تشانغجيانغ اليومية الرسمية على سبيل المثال مقالا حول صاحب مطعم في ووهان قضى عيد السنة القمرية الجديدة وهو يعلب وجبات الغداء للعاملين في القطاع الصحي في المدينة.
وكتبت الصحيفة في مقالها أن صاحب المطعم، لي بو، البالغ من العمر 36 عاما، كان قد افتتح مطعمه قبل شهر واحد فقط، بعد أن باع سيارته واستدان مبلغا من المال من أجل تمويل المشروع.
ولكن قبل أن يتمكن المشروع من الإنطلاق بشكل حقيقي، وقع الوباء، فخلت الشوارع من المارة وخلا المطعم من الزبائن.
ونقلت الصحيفة عن لي قوله "أصبت بالهلع، وكنت استلقي في بيتي وينتابني قلق بالغ من احتمال عجزي عن الوفاء بديوني."
"ولكني قرأت الأخبار، ورأيت كيف يواجه العاملون في المستشفيات مصاعب جمة في التعامل مع سيل المرضى، وشعرت أن الوقت قد حان لي لفعل شيء ما. فقد أردت أن أقوم بدوري مهما كان صغيرا."
وكان موقع "بيجين نيوز" الإخباري قد نشر تقريرا تحدث عن شح الطعام في بعض مستشفيات ووهان. وكان اثنان من سكان ووهان قد أخبرا بي بي سي سابقا بأن سكان المدينة يحاولون تخزين المواد
وقضى لي بو والطباخ الذي يعمل لديه أياما طوال في شراء مكونات الأطباق وطهي ما يكفي من الطعام لملء 200 علبة. وقال للصحيفة في الـ 26 من كانون الثاني / يناير إنه بصدد البحث عن العلب، مضيفا أنه سيوصل الوجبات إلى الكادر الصحي العامل في مستشفى شييهي المحلي في ووهان.
وقال "أردت أن أعمل ما في وسعي للتأكد أنه بمقدور الكادر الطبي أن يتناول وجبات ساخنة، وآمل أن يحصلوا على التغذية التي يحتاجون إليها مما سيعزز مناعتهم"، مضيفا أنه ينوي الاستمرار في التبرع بالوجبات طالما كان بمقدوره ذلك.
وختم بالقول "آمل أن تتماثل المدينة التي نعشقها للشفاء قريبا."
القروي الذي تبرع بـ 15 ألف قناع طبي
أدى الخوف من العدوى بفيروس كورونا بالآلاف من الصينيين في شتى أرجاء البلاد إلى التجمهر لشراء أقنعة الوجه الطبية، مما أدى إلى شحها في بعض المناطق.
وأصبحت الأقنعة عملة نادرة إلى درجة أن بعض المشاركين في منبر ويبو الإلكتروني بدأوا يقولون مازحين إنهم يفضلون أن يستلموا قناعا كهدية عيد السنة القمرية عوضا عن النقود.
دفع هذا الشح قرويا في إقليم تشانغده، المجاور لإقليم هوباي الذي تقع فيه ووهان، إلى التبرع بـ 15 ألف قناع تقريبا للمحتاجين إليها، وذلك حسب ما ذكرت صحيفة شياوشيانغ مورنينغ هيرالد.
وكان القروي، واسمه هاو جين، يعمل لغاية السنة الماضية في مصنع ينتج الأقنعة الطبية قبل أن يستقيل. ولكن الشركة مالكة المصنع لم تتمكن من دفع راتبه، فعوضته بـ 15 ألف قناع تبلغ قيمتها حوالي 20 ألف يوان (2,883 دولارا).
عاد هاو بالأقنعة إلى بيته، ونسيها إلى أن سمع بخبر شحها في الأسواق.
وقال "قررت أن أتبرع بالأقنعة للذين يحتاجونها، آمل أن تكون ذات قيمة أكبر للآخرين."
احتفظ هاو بعدد من الأقنعة له ولأفراد أسرته، ووزع عددا منها على سكان قريته قبل أن يتبرع بالكمية الباقية لسكان الإقليم الذي يعيش فيه.
هونغ كونغ تغلق الحدود
على صعيد متصل، أعلنت هونغ كونغ أنها قررت خفض حركة السفر من الصين وإليها إلى حد كبير بينما يواصل فيروس كورونا انتشاره.
وقالت كاري لام، رئيسة السلطة التنفيذية في المنطقة العائدة للصين والتي تتمتع بقدر من الحكم الذاتي، إن حركة القطارات السريعة والعبارات ستتوقف اعتبارا من يوم الخميس. وكانت لام تتحدث وهي ترتدي قناعا واقيا.
وأضافت لام أن الرحلات الجوية من هونغ كونغ إلى مدن البر الصيني ستخفض إلى النصف، كما لن يسمح للمواطنين الصينيين بالحصول على تأشيرات لزيارة المنطقة.
يذكر أن عشرات الملايين من الصينيين يزورون هونغ كونغ كل سنة، ولكن هذه الأعداد شهدت انخفاضا في عام 2019 نتيجة الاحتجاجات وأعمال الشغب التي شهدتها هونغ كونغ.
وقالت لام "ينبغي خفض حركة انتقال الناس بين الصين وهونغ كونغ إلى حد كبير."
وكان الوباء الذي تسببه سلالة من فيروسات كورونا قد انتشر داخل الصين وإلى 16 من دول العالم على الأقل.
وكانت ألمانيا واليابان قد أعلنتا يوم الإثنين عن حصول حالات اصابة بالوباء لديهما في مرضى لم يسبق لهم السفر إلى الصين، ولكنهم أسصيبوا بالعدوى من أشخاص كانوا قد سافروا إلى هناك.
ويعكف العديد من الدول التي تقيم أعداد كبيرة من رعاياها في مدينة ووهان على اعداد خطط لاجلائهم جوا. وسترسل اليابان طائرة لاجلاء الرعايا اليابانيين يوم الثلاثاء.
وكانت السلطات الصينية قد أكدت يوم الإثنين عن وفاة مريض يبلغ من العمر 50 عاما في العاصمة بكين، وهي أول حالة وفاة في العاصمة منذ ظهور الوباء.
لاتنسى مشاركة: فيروس كورونا، وقصص عن التضامن في مدينة ووهان الصينية على الشبكات الاجتماعية.
التعليقات (0)
أعجبني / لايعجبني
ماهو تفاعلك مع هذا ؟