مصر بعد 100 مليون نسمة: هل تواجه "قنبلة موقوتة" أم لديها "وقود جديد" للتنمية؟

مصر بعد 100 مليون نسمة: هل تواجه "قنبلة موقوتة" أم لديها "وقود جديد" للتنمية؟
مصر بعد 100 مليون نسمة: هل تواجه "قنبلة موقوتة" أم لديها "وقود جديد" للتنمية؟

أثار إعلان مصر رسميا عن تخطي عدد السكان بالداخل حاجز 100 مليون نسمة، لتصبح أول دولة عربية تصل إلى هذا العدد من السكان، الكثير من التساؤلات حول مستقبل التنمية في مصر.

ففي الوقت الذي حذر فيه البعض من أن الزيادة السكانية قنبلة موقوتة قد تأتي على الأخضر واليابس، يرى آخرون أنها يمكن أن تكون أمرا إيجابيا باعتبار السكان وقود التنمية والتطور في أي مجتمع.

لكن الحكومة المصرية ترى في هذا الأمر مصدر قلق، وتعمل حاليا على إعداد (المشروع القومى لتنظيم الأسرة)، وناقش مجلس الوزارء في آخر اجتماع له في 7 فبراير/شباط الاقتراحات الخاصة بتفعيل هذا المشروع لتحقيق أهدافه.

وقال رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، عقب الاجتماع إن الزيادة السكانية تمثل "التحدي الأكبر أمام الدولة، وعقبة أمام بناء دولة قوية"، موضحا أن معدلات الزيادة السكانية "تعوق مسار التنمية، وهو ما يتطلب تضافر كافة الجهود لتحقيق نجاح حقيقي في هذا الملف، باعتباره مسؤولية مجتمعية متكاملة".

ويؤكد الدكتور على الجلبي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإسكندرية، على أن الدولة المصرية تحتاج إلى بذل جهود مضاعفة لمواجهة الزيادة السكانية، وإن كانت التشريعات القانونية مهمة إلا أنه يجب العمل على تغيير الوعي والمفاهيم المرتبطة بالثقافة المجتمعية حول هذه القضية.


 


كيف تستفيد مصر من الزيادة السكانية ؟

تعداد إلكتروني

وقال الجلبي في تصريح لبي بي سي، إن الاستراتيجيات الحكومية الحالية يجب أن تراعي الفرق بين الموافقة على تنظيم الأسرة وممارسة تنظيم الأسرة بالفعل وهو ما يجب دفع المواطنين إليه.

وأضاف أستاذ علم اجتماع السكان، أن السياسات الحكومية الحديثة مثل تطوير أساليب العد والإحصاء السكاني وتوفير البيانات والمعلومات أمر هام وفعال في مواجهة الموقف وله تأثير إيجابي مستقبلا.

وأجرى الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أول تعداد إلكتروني في تاريخ التعدادات المصرية عام 2017، وهو رقم 14 في سلسلة التعدادات السكانية، وتم تنفيذه بالكامل باستخدام وسائل تكنولوجية حديثة بالحاسوب اللوحي "التابلت".

وقالت الدكتورة حنان حسين، مدرسة بحوث العمليات والإحصاء بأكاديمية طيبة لتكنولوجيا الإدارة والمعلومات، إن طريقة التعداد الجديدة أثرت إيجابيا على عملية الإحصاء والوصول إلى رصد دقيق لعدد السكان وهو ما سيساعد متخذ القرار على الوصول للقرارات السليمة في الوقت المناسب.

وأضافت لبي بي سي :"دقة البيانات ستساهم في معرفة المناطق ذات الكثافة العالية والتي تحتاج إلى تعزيز الخدمات والبنية التحتية فيها، كما ستكون فعالة في جهود التوعية ونشر ثقافة تنظيم الأسرة، باستهداف تلك المناطق بحملات توعوية مركزة وتوجيه السكان نحو أهمية الحد من الإنجاب وتنظيم النسل".

الخصائص السكانية ميزة إيجابية

يقول الدكتور الجلبي، إن المهم حاليا هو معرفة الخصائص السكانية في مصر، والمقصود بها عدد المتعلمين وأماكن تركز السكان وتوزيعهم واحتياجات كل منطقة وخصائصها ونقاط قوتها وضعفها للتعامل معها بواقعية.

ويقول الجلبي "معرفة الخصائص السكانية يمكن من توظيفها بشكل جيد لخدمة التنمية وتعزيز العمل مستقبلا على تحسين الأوضاع وإعادة توزيع السكان بشكل جيد والاستفادة من الشباب".

وتم تنفيذ تعداد 2017، وفقا لأسلوب العد النظري "محل الإقامة المعتاد"، بدلا من مكان التواجد الفعلي الذي كان مستخدما في التعدادات السابقة، علما بأن محل الإقامة المعتاد هو المكان الذي يقضي فيه الفرد معظم الوقت خلال الفترة الزمنية المرجعية "عادة العام الميلادي".

وأوضحت الدكتورة حنان، أن هذا النظام الجديد يضمن تقليل الخطأ وفقدان المعلومات، حيث يتم إرسال البيانات فورا من موقع التعداد إلى قاعدة بيانات مركز الإحصاء ثم تحليلها بدقة" .

وبحسب وزيرة التخطيط والتنمية المصرية هالة السعيد، فإن هناك ارتفاع في معدلات الإنجاب الحالية وصلت إلى (3.4 مولود لكل سيدة)، ومتوقع وصول عدد السكان إلى 192 مليون نسمة بحلول عام 2052.

وحول متوسط الزيادة السكانية خلال عام 2019، كشفت المؤشرات إلى أنه يتم زيادة 3.3 فرد كل دقيقة، وهو ما ينتج عنه زيادة بأكثر من 1.7 مليون فرد في السنة.

وتقول دكتورة ابتسام مصطفى، المتخصصة في قضايا التنمية والمديرة التنفيذية لمؤسسة صوت النيل التنموية، إن الموارد البشرية تمثل عنصر قوة لأي دولة ورقم صعب في معادلتها الاستراتيجية بشرط حسن استغلالها وإدارتها وتحقيق الاستفادة القصوى منها.

وأضافت ابتسام لبي بي سي إنها "سلاح ذو حدين"، فكما يكون السكان وقود للتنمية وأحد أركان تقدم الأمم وتعزيز قدراتها الصناعية والزراعية وتحقيق الاستفادة القصوى من مواردها الطبيعة، إلا أنهم قد يكونون نقمة ومشكلة تواجه الدول التي تعاني من نقص في الموارد أو عدم قدرة على تحسين قدرات السكان علميا وفكريا وثقافيا.

التكنولوجيا عقدت المشكلة

وتعاني مصر من تزايد مستمر في أعداد المواليد، ووفقا للموقع الرسمي للتعبئة والإحصاء خلال الفترة بين عامي 1996إلى2017، ارتفع معدل النمو السنوي للسكان المصريين من 2.04 في المئة خلال الفترة من "1996-2006" إلى 2.56 في المائة خلال الفترة "2006-2017".

وتوضح الدكتورة ابتسام أن التطور التكنولوجي من أبرز التحديات التي أدت لتفاقم أزمة الزيادة السكانية، فأصبحت الآلة المتطورة وبرامج الذكاء الاصطناعي تقلل من حجم العمالة المطلوبة سواء في الصناعة أو حتى الزراعة، التي كانت في السابق تحتاج لأعداد كبيرة، وهو ما يقلل الاعتماد على العنصر البشري وبالتالي تزايد الاتجاه للحد من الإنجاب.

يأتي هذا على الرغم من تبني الحكومة برامج مكثفة وحملات توعية مستمرة لحث السكان على تنظيم الأسرة والتعريف بخطورة الزيادة السكانية، وكان هناك مطالبات باتخاذ إجراءات قاسية مثل رفع الدعم الحكومي عن الطفل الثالث في بطاقة التموين.

وترى دكتورة ابتسام أن الحكومة المصرية تأخرت كثيرا في اتخاذ اجراءات صارمة لمواجهة الزيادة السكانية، واهتمت فقط بالجانب التوعوي والثقافي، الذي لم يحقق الهدف المطلوب منه.

 

لاتنسى مشاركة: مصر بعد 100 مليون نسمة: هل تواجه "قنبلة موقوتة" أم لديها "وقود جديد" للتنمية؟ على الشبكات الاجتماعية.

المصدر : bbcعربي