الظروف الاقتصادية والأمنية تعاكس الجهود

الظروف الاقتصادية والأمنية تعاكس الجهود
الظروف الاقتصادية والأمنية تعاكس الجهود

متابعات

لا تكاد الرياضة اللبنانية تلتقط أنفاسها بشكل طفيف حتى تستجدّ أحداث تعيد الأمور إلى نقطة الصفر. فبعد قرار الحكومة بعودة الحياة إلى النشاط الكروي، تأمّل كثيرون أن تعود عجلة المنافسات إلى الدوران. لكن يوماً بعد آخر يزداد الوضع صعوبة بالنسبة إلى الوضعين الاقتصادي والأمني، خصوصاً على صعيد الألعاب الجماعية، وتحديداً كرة السلة. لكن رغم ذلك يواصل المعنيون جاهدين العمل لإطلاق الموسم السلّوي بأيّ صيغة كانت


 

يحاول القيمون على لعبة كرة السلة في لبنان الانفصال عن الواقع الاقتصادي المرير، والمحافظة على اللعبة وإيجاد صدمات إيجابية فيها لإطلاق الموسم الكروي. يتّفق أهل اللعبة على ضرورة إعادة تأسيس كرة السلة اللبنانية على أسس صحيحة وفي الوقت عينه التفكير في منطق في ظلّ وضع اقتصادي خانق. ينتظر محبو اللعبة عودة الحياة إلى ملاعب الكرة البرتقالية، لكن المهمة ليست سهلة. رغم ذلك هناك محاولات حثيثة لـ«رمي الكرة في الهواء» إيذاناً بانطلاق أول مباراة في الموسم الجديد.
على صعيد الاتحاد اللبناني لكرة السلة، يكشف رئيسه أكرم الحلبي لـ«الأخبار» عن عقد سلسلة من الاجتماعات مع عدد من أندية الدرجة الأولى لدراسة الواقع المستقبل. «اجتمعت مع رؤساء خمسة أندية لبحث تفاصيل الموسم الجديد. لكن جميعهم يتحدثون بالمنطق عينه: إذا أخذنا قراراً بإطلاق الموسم، هل نستطيع تنفيذه؟» يقول الحلبي في اتصالٍ مع «الأخبار».
لكن رأس الهرم السلّوي في لبنان يسعى لإبعاد اليأس عبر المحاولة لاجتراح حلول. وهو نجح في تأمين راعٍ للبطولة المقبلة يقوم بتغطية تكاليف بطولة الدرجة الأولى كاملة من حكّام ومراقبين وغيرها من المصاريف. «اتفقنا مع مؤسسة مقدسي التي يترأسها رئيس نادي الحكمة الأسبق طلال مقدسي. ووصلنا إلى مرحلة توقيع العقد مع مقدسي» يقول رئيس اتحاد السلّة.
وهذا يخفف عن كاهل الاتحاد والأندية جزءاً من الأعباء المالية، فتكون مؤسسة مقدسي بديلاً من الشركة الناقلة لمباريات البطولة تلفزيونياً والتي كانت عائداتها تغطي تكاليف البطولة.
هذا لا يعني أن البطولة ستكون من دون نقل تلفزيوني. «تم الاتفاق المبدئي مع إحدى الشركات التي ستقوم بنقل المباريات بتقنية عالية ما سيتيح للجمهور اللبناني مشاهدة المباريات، وقد وصلنا إلى مرحلة توقيع عقد مبدئي حيث وضعت اتفاقية تعاون تمهيداً لاستكمال المفاوضات مع الشركة المعنية» يضيف الحلبي عن مسألة نقل المباريات تلفزيونياً.

نجح الاتحاد في الاتّفاق مع مؤسسة مقدسي كراعٍ لبطولة الدرجة الأولى يقوم بتغطية تكاليفها

وعلى صعيد الاجتماعات مع الأندية يؤكّد الحلبي أن الأندية منفتحة وإيجابية وتريد لعب كرة السلة، لكنه يحذّر من محاولات البعض عرقلة جهود إطلاق الموسم من خلال وضع أفكار غير منطقية في رؤوس اللاعبين لا تتناسب مع الواقع الاقتصادي مفضلاً عدم الغوص أكثر في ما يحصل في كواليس بعض اللاعبين ووكلائهم.
لكن ما لا يتحدث عنه الحلبي يكشفه مصدرٌ آخر لـ«الأخبار» متحدثاً عن محاولة بعض وكلاء اللاعبين «اللعب على الحبال» حيث اشتكى بعض رؤساء الأندية من اتصالات يقوم بها بعض الوكلاء مدّعين وجود اتصالات من رؤساء أندية آخرين للحصول على تواقيع بعض اللاعبين بهدف رفع سعر هؤلاء اللاعبين. وكشف المصدر الاتحادي إلى أن اتفاق حصل بين رؤساء الأندية بكشف محاولات هؤلاء الوكلاء «ففي حال جاء وكيل وقال لرئيس ناد معيّن بأن رئيساً آخر اتصل بالوكيل طالباً خدمات لاعب معيّن، سيقوم الرئيس بالاتصال بزميله للتأكّد من الموضوع لقطع الطريق على أيّ محاولات لابتزاز الرؤساء في مسألة التعاقدات مع اللاعبين» يقول المصدر الاتحادي.

الصورة ضبابية قاتمة
على صعيد الأندية، تبدو الصورة ضبابية قاتمة رغم النية بخوض الموسم. فبالنسبة إلى رئيس نادي بيروت نديم حكيم هناك عدة أمور سلبية تقف عائقاً أمام إطلاق الموسم الجديد. «أولاً عدم الاستقرار الأمني والاجتماعي. فأنت لا تعرف ماذا سيحصل غداً فكيف الحال بعد أشهر من الآن. ثانياً، الوضع الاقتصادي صعبٌ جداً وبالتالي من المتعثّر تأمين رعاة يقومون بدفع «فرنك» للأندية. العائق الثالث هو ارتفاع سعر الدولار. فاللاعب الذي كان عقده مئة ألف دولار حتى لو خفّضت قيمة العقد إلى عشرين ألف دولار فهذا يساوي مئة مليون ليرة لبنانية، وهذا ليس بالرقم البسيط. وهناك الكلام عن لاعب واحد» يقول حكيم لـ«الأخبار».
رغم ذلك يصرّ رئيس نادي بيروت على المحافظة على ناديه. «لن نقبل أن يموت نادي بيروت بعد كل ما حققناه، لكن بالعقل والمنطق. لذلك حافظت على أكاديمية الفريق بهدف الاستمرارية على صعيد الفئات العمرية في حال تعذّر إطلاق بطولة الدرجة الأولى، رغم ضرورة أن يكون هناك موسم لكن طبعاً من دون لاعبين أجانب» يقول رئيس نادي بيروت.

 
الحكمة وأطلس من الأندية التي لم تنهِ ملفات لاعبيها المادية

وحول العلاقة مع لاعبي الفريق، يكشف حكيم أن النادي قام بتسويات مع جميع لاعبيه حيث تم تسديد 50% من المستحقات بالدولار بموافقة اللاعبين ورضاهم.
إذا كانت الصورة ضبابية لدى حكيم، فإنها شبه سوداوية لدى زميله رئيس نادي الرياضي مازن طبارة الذي يجيب على اتصال «الأخبار» أنه ملتزم بالصمت ولا شيء لديه ليقوله. فليس هناك أي خطوات على صعيد الفريق الأول «فالاهتمام حالياً بأكاديمية الفريق» يقول طبارة في نهاية الاتصال السريع!
هذا الكلام عن الأكاديمية يحضر أيضاً في كلام رئيس نادي المتّحد أحمد الصفدي. فبالنسبة له من الضروري أن يكون هناك اهتمام من الاتحاد بإقامة بطولات للفئات العمرية. «فلا أحد يعرف ماذا سيحصل غداً» يقول الصفدي. «رغم صعوبة الوضع من الممكن إقامة بطولة لكن بالتأكيد دون أجانب» ينهي رئيس المتحد كلامه.

أندية غائبة عن السمع
في الحكمة تشير المعلومات إلى صعوبة الوضع بشكل أكبر من باقي الأندية نظراً إلى اختلاف الوضع في الفريق الأخضر. فمشكلة الحكمة هي أن عقوده التي لم يلتزم بها تعود إلى ما قبل 17 تشرين الأول 2019 ما يعني أنها لا تقع تحت ظرف «القوة القاهرية» كما يقول مصدر سلّوي لـ«الأخبار». وهذه العقود تتضمن بنوداً تجعل العقد مستحقّاً بالكامل في حال تأخرت الإدارة في تسديد الاستحقاقات المادية، في وقت لم يتقاضَ اللاعبون أية أموال هذا الموسم. علماً أن الإدارة عقدت اجتماعاً مع اللاعبين قبل أشهر ووعدتهم بتسديد جميع الأموال المستحقة قبل 17 تشرين الأول، لكن لم يتم الإيفاء بالوعد ولم يحصل اللاعبون على أموالهم.
قد لا يجد الجمهور اللبناني سوى بطولات الفئات العمرية لمتابعتها في حال لم تغلب لغة المنطق على المفاوضات

أمرٌ يؤكّده وكيل اللاعبين جاد سعادة في اتصال مع «الأخبار»، حيث إنه وكيل لأربعة لاعبين في النادي هم: جوزف الشرتوني، نديم سعيد، علاء أرناؤوط ويوسف غنطوس. «التواصل مقطوع نهائياً مع الإدارة. اجتمعنا ووُعدنا بتسديد مستحقات ما قبل 17 تشرين الأول عن شهري آب وأيلول ونصف شهر تشرين الأول، لكن لم يتم دفع أي شيء» يقول سعادة.
وهذا الوضع ينطبق على أكثر من نادٍ وإن كان بنسب متفاوتة. «فنادي بيبلوس أيضاً عليه التزامات قبل 17 تشرين الأول حيث لم يسدد مستحقات شهرٍ ونصف، وكذلك الأمر بالنسبة إلى ناديي أطلس وأنيبال. فالأخير سدد مستحقات شهر واحد فقط هو شهر أيلول. أما نادي المتحد فعليه مستحقات لكنه يقوم بتسديد جزء منها دورياً، وبالتالي ليس منقطعاً عن الدفع بشكل كلي كما الأندية الباقية» يوضح وكيل عدد كبير من اللاعبين جاد سعادة.
إذاً الصورة قاتمة، وتزداد سوداوية في ظل تأزم الأوضاع المعيشية، لكن رغم ذلك تلمس إصراراً لدى المعنيين باللعبة من اتحاديين ورؤساء أندية وحتى لاعبين في ما ينقل عن العديد منهم حول ضرورة أن يكون هناك موسم سلّوي، وهو ما يتمناه جمهور اللعبة. لكن بالإضافة إلى الحاجة إلى استقرار أمني واجتماعي وتحسّن اقتصادي، يفترض على المعنيين وتحديداً اللاعبين في أن يكونوا منطقيين وواقعيين إزاء ما يطلبونه من الأندية في حال أراد لعب كرة سلة هذا الموسم. وإلا فإن الجمهور لن يجد أمامه سوى بطولات الفئات العمرية لمتابعتها.


 

لاتنسى مشاركة: الظروف الاقتصادية والأمنية تعاكس الجهود على الشبكات الاجتماعية.

المصدر : الأخبار