من الصبيحي إلى أولاد الزعيم... المعتقلون جريمة حرب أخرى لمليشيات الحوثي (1-2)

من الصبيحي إلى أولاد الزعيم... المعتقلون جريمة حرب أخرى لمليشيات الحوثي (1-2)
من الصبيحي إلى أولاد الزعيم... المعتقلون جريمة حرب أخرى لمليشيات الحوثي (1-2)

 

تعد قضية المعتقلين والمحتجزين والمخفيين قسرياً إحدى أبرز قضايا الانتهاكات لحقوق الإنسان التي تمارسها مليشيات الحوثي على مدى ثلاث سنوات ونصف منذ بدء ممارستها للسلطة عقب انقلابها على سلطات الدولة.

وبدأت مليشيات الحوثي، عقب إعلانها السيطرة على الحكم وحل المؤسسات الدستورية وعلى رأسها البرلمان، حملات اعتقالات ومداهمات استهدفت قيادات سياسية وإعلاميين وصحفيين وناشطين حقوقيين بناءً على انتماءاتهم السياسية أو مواقفهم المعارضة لها.. وعلى مدى السنوات الثلاث ونصف الماضية زجت المليشيات الحوثية بعشرات ومئات السياسيين والإعلاميين والصحفيين والنشطاء في سجونها، في مختلف المحافظات التي تسيطر عليها وعلى وجه الخصوص أمانة العاصمة صنعاء ومحافظات تعز وإب وذمار والبيضاء والحديدة والمحويت وحجة.

من الصبيحي وقحطان إلى أولاد وأقارب الزعيم صالح

وبالعودة إلى سجل الانتهاكات التي تمارسها مليشيات الحوثي، يمكن الإشارة إلى ما قامت به هذه المليشيات من حملات اعتقالات طالت قيادات سياسية وعسكرية ونشطاء وسياسيين وكل صاحب رأي أو موقف معارض للمليشيات.

ويعد اللواء الركن محمود الصبيحي، وزير الدفاع في حكومة الكفاءات التي رأسها خالد بحاح، وكل من اللواء ناصر منصور هادي شقيق الرئيس هادي، واللواء فيصل رجب أبرز القيادات العسكرية الذين اعتقلوا من قبل مليشيات الحوثي عقب سيطرة مليشياتها على محافظة عدن ونشوب معارك بينها والرافضين لتواجدها.

وبالإضافة إلى تلك القيادات فإن القيادي الإصلاحي محمد قحطان يعد أشهر القيادات السياسية الذين اعتقلتهم المليشيات الحوثية وزجت بهم في السجن منذ ثلاث سنوات ونصف.

حملات الاعتقالات والإخفاءات القسرية تواصلت من قبل المليشيات الحوثية بحق العشرات من القيادات السياسية حتى قبل أن تحدد تلك القيادات أي مواقف معارضة للمليشيات، قبل أن تمتد هذه الحملات إلى الإعلاميين والصحفيين والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي الذين استهدفتهم المليشيات الحوثية تحت مبررات وحجج كاذبة أبرزها "موقفهم المؤيد للعدوان".

ووجدت المليشيات الحوثية في موضوع حرب التحالف العربي ضدها والذي تسميه "العدوان" شماعة لا تعلق عليه أخطاءها وفسادها فحسب، بل وتستخدمه كمبرر لممارسة كل أنواع الابتزاز والانتهازية والانتهاكات بحق المخالفين والمعارضين لها من القيادات السياسية سواء المنتمية إلى الأحزاب السياسية كالمؤتمر الشعبي العام والإصلاح والناصري والاشتراكي، أو بحق الإعلاميين والصحفيين والناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي، أو المشايخ والشخصيات الاجتماعية، أو بحق القيادات العسكرية والضباط الذين رفضوا الانخراط في جبهات القتال تحت إمرة وقيادة مليشياتها.

وعقب انتفاضة ديسمبر 2017م التي أعلنها الرئيس السابق الزعيم علي عبدالله صالح ضد المليشيات الحوثية والتي انتهت بقيام المليشيات باغتياله ورفيقه الأمين العام للمؤتمر عارف الزوكا، نفذت مليشيات الحوثي أكبر حملة اعتقالات بحق القيادات والكوادر المؤتمرية وبحق أبناء وأقارب الشهيد الزعيم صالح، حيث وصل عدد القيادات والنشطاء المؤتمريين الذين اعتقلتهم المليشيات أكثر من (5300) قيادي وكادر وناشط مؤتمري معظمهم في العاصمة صنعاء ومحافظات (حجة والمحويت وصنعاء وعمران والحديدة وإب وذمار)، بالإضافة إلى اعتقال عشرات ممن لهم صلة قرابة بالزعيم الشهيد صالح وأسرته وأقاربه منهم 2 من أولاده هما مدين وصلاح، و2 من أقاربه هما نجل شقيقه محمد محمد عبدالله صالح، ونجل ابن شقيقه عفاش طارق محمد صالح.

ووصلت حملات الاعتقالات التي نفذتها المليشيات الحوثية حتى إلى النساء اللواتي اعتقلن من قبل المليشيات بسبب مواقفهن الرافضة لممارسات وإجراءات المليشيات الحوثية خصوصا عقب انتفاضة 2 ديسمبر، حيث قامت المليشيات باعتقال عدد من الناشطات والقيادات المؤتمريات على خلفية خروجهن في مسيرة في ميدان السبعين تطالب بتسليم جثمان الزعيم الشهيد صالح والإفراج عن أولاده وأقاربه، كما قامت بفعل مماثل واعتقلت قرابة الخمسين امرأة على خلفية تنظيم نساء ونشطاء وشباب مؤتمريين تظاهرة بالورود إلى أمام منزل الشهيد الزعيم صالح في ذكرى مرور أربعين يوما على استشهاده.

أولى الانتهاكات.. إخفاء المعلومات حول المعتقلين

تتعمد المليشيات الحوثية ممارسة سياسة ممنهجة في إخفاء كافة المعلومات المتعلقة بأوضاع المعتقلين وظروفهم وصحتهم الجسدية والنفسية وأماكن احتجازهم، سواء عن أسرهم وذويهم أو عن المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، أو عن الأمم المتحدة والمبعوثين الخاصين الى اليمن.

ورغم أن القرار الأممي الصادر عن مجلس الأمن برقم (2216) تضمن بندا خاصا نص على سرعة إطلاق سراح السجناء السياسيين، إلا أن مليشيات الحوثي لا تزال حتى الآن ترفض ليس الإفراج عنهم بل وحتى إعطاء أية معلومات خاصة بهم.

وباستثناء معلومات قليلة نشرها قبل عام وزير الخارجية السابق في حكومة هادي عبدالملك المخلافي، نقلا عن الناطق الرسمي باسم مليشيات الحوثي محمد عبدالسلام، قال فيها إن الأخير اخبره إن محمود الصبيحي موجود، وهو بخير، وكذا فيصل رجب، وشقيق الرئيس هادي، اللواء ناصر منصور: «هو بخير ويتناول أدويته باستمرار، وأريدك أن تُطمئِن الرئيس هادي بذلك»، فيما رفض الإدلاء بأية معلومات عن محمد قحطان وقال إنه لا يعرف مصيره، لا تزال المليشيات تخفي المعلومات عن أماكن احتجازهم وأوضاعهم الصحية وما إذا كانوا لا يزالون على قيد الحياة أو لا.

وعلى ذات المنوال تشتكي أسر المعتقلين لدى المليشيات سواء من القيادات السياسية أو الكوادر الإعلامية والصحفية أو الناشطين الحقوقيين أو رجال الأعمال أو الشخصيات الاجتماعية والقبلية أو المشايخ، من إصرار مليشيات الحوثي على إخفاء المعلومات عنها بشأن ذويهم وأماكن احتجازهم وظروفهم وغالبا ما تفاجأوا بإفراج المليشيات عن بعضهم وقد فارقوا الحياة، أو باتت حالاتهم الصحية في وضع خطر جداً.

وخلال الأشهر الأخيرة مارست المليشيات الحوثية ذات النهج مع أولاد وأقارب الزعيم الشهيد صالح وقيادات المؤتمر الشعبي العام الذين اعتقلتهم عقب انتفاضة ديسمبر، قبل أن تسمح -وتحت ضغوط ومطالبات متكررة وسعي لاحتواء قيادات المؤتمر في صنعاء لجانبها- ببعض الزيارات لهم من قبل ذويهم ووفقا لشروط وإجراءات رقابة مشددة، قبل أن تعود المليشيات لمنع زيارتهم منذ أكثر من شهرين ورفض الإفصاح عن أية معلومات بشأنهم، وهو أمر أثار القلق لدى ذوي وأسر أولاد وأقارب الزعيم الشهيد صالح، خاصة وأن نجل شقيقه محمد محمد عبدالله صالح مصاب إصابة خطيرة ويحتاج لنقله إلى الخارج لتلقي العلاج.

وخلال الجدل الذي دار بشأن مشاورات جنيف، عمدت مليشيات الحوثي إلى استخدام قضية المعتقلين من أولاد الزعيم الشهيد صالح وأقاربه إلى ورقة مساومة، حيث أبدت استعدادها الإفراج عن بعضهم شريطة أن يتم نقلهم إلى مسقط بطائرة عمانية خاصة، إلى جانب بعض الجرحى التابعين للمليشيات، وهو ما اعتبره مراقبون ابتزازا مفضوحا تمارسه المليشيات باستخدام قضية إنسانية.

وبالإضافة إلى كونها انتهاكا صارخا للحقوق القانونية، فإن مليشيات الحوثي تهدف من خلال سياسية إخفاء المعلومات بشأن المعتقلين لديها إلى بث حالة من الرعب والخوف لدى الناس بشكل عام، ولدى أسر القيادات السياسية والنشطاء والإعلاميين المعارضين للمليشيات بشكل خاص، معتقدة أن انتهاكا كهذا سيسهم في منع الأسر لأبنائها وأولادها من ممارسة حقهم في معارضة المليشيات وما ترتكبه بحق اليمنيين من جرائم وحشية.

التعذيب.. انتهاك حوثي آخر للمعتقلين

يجمع المحامون والحقوقيون والنشطاء على أن كافة المعتقلين والمحتجزين والمختطفين لدى مليشيات الحوثي تعرضوا للتعذيب بشكل أو بأخر، سواء أكان ذلك التعذيب جسديا أو نفسيا.

وفي تقرير حديث لها، اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، الحقوقية الدولية، الميليشيات الحوثية بأنها مارست أشكالا مختلفة من التعذيب بحق المعتقلين لديها.
وقالت المنظمة إنها وثقت من 2014، عندما احتلت المليشيات الحوثية العاصمة صنعاء وكثيراً من المناطق اليمنية، عشرات الحالات التي قام فيها الحوثيون باحتجازات تعسفية ومسيئة، بالإضافة إلى إخفاءات قسرية وتعذيب.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش: إن مليشيات الحوثي في اليمن (قاموا باحتجاز رهائن مدنيين، وارتكاب انتهاكات خطيرة بحقهم - بما في ذلك التعذيب) -.

وسردت المنظمة التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، شهادات معتقلين سابقين، أكدوا أنهم تعرضوا للضرب بقضبان حديدية وجلدوا وتم تقييدهم على الجدران وتعرضوا للضرب المبرح على أقدامهم وهددوا بالاغتصاب.

وقالت المنظمة إنها بدورها أجرت أخيراً مقابلات مع 14 محتجزاً سابقاً، وأقارب شخصين آخرين محتجزين أو مخفيين. ووصفت معاملة المسؤولين الحوثيين للمحتجزين بأنها «قاسية، ووصلت في كثير من الحالات إلى التعذيب، وضرب المحتجزين بقضبان حديد وخشب، وبالبنادق». ونقلت عن معتقلين قولهم إن «الحراس جلدوا المساجين، وكبلوهم بالجدران، وضربوهم بالخيزران على أقدامهم، كما هددوا باغتصابهم أو اغتصاب أفراد من أسرهم».

واعتبر كثير من المعتقلين، بحسب المنظمة، أن تعليقهم على الجدران وأيديهم مكبلة خلف ظهورهم كان من أكثر تقنيات التعذيب إيلاماً. وفي كثير من الحالات، كان المسؤولون الحوثيون يعذبونهم لانتزاع المعلومات أو الاعترافات. وأوردت المنظمة شهادات لمحتجزين سابقين، كشفوا خلالها أن الحراس منعوا العناية الطبية أو العلاج عنهم بعد الضرب، كما أشاروا إلى إصابتهم بمضاعفات نفسية وصحية بسبب سوء المعاملة.

وتشير المعلومات التي ترصدها المنظمات الخاصة برصد الانتهاكات لحقوق الإنسان إلى وجود أكثر من 120 حالة تعذيب حتى الموت مارستها المليشيات الحوثية بحق معتقلين من أبرزهم الصحافي المشهور أنور الركن الذي أثار موته بعد الإفراج عنه جراء تعذيبه من قبل المليشيات الحوثية صدمة لدى الرأي العام المحلي والعالمي.

وتقول هيومن رايتز: «إن احتجاز الرهائن، واحتجاز الأشخاص وتهديدهم بالقتل أو الأذية، أو الاستمرار باحتجازهم لإجبار طرف آخر على القيام بأمر ما، أو الامتناع عن أمر ما، كشرط لإطلاق سراح المحتجز وسلامته، هو جريمة حرب».

وأشارت المنظمة إلى تقارير أممية سابقة، توصل خلالها المحققون إلى أن الحوثيين «قاموا بأعمال ترقى إلى مصاف جرائم حرب، بما في ذلك المعاملة القاسية والتعذيب والاعتداء على الكرامة الإنسانية».

المصدر نيوز يمن

لاتنسى مشاركة: من الصبيحي إلى أولاد الزعيم... المعتقلون جريمة حرب أخرى لمليشيات الحوثي (1-2) على الشبكات الاجتماعية.