حديث خالص عن 26 سبتمبر
موسى المقطري
كعادة الأشياء الجملية يعود كل عام عيد السادس والعشرون من سبتمبر ليمثل صرخة مزلزلة في وجه الاماميين القدامى والجدد ، وكل المرتهنين لغير الوطن الكبير ، وكتذكير دائم بالوفاء لدماء الشهداء الذين وهبوا ارواحهم في سبيل التحرر من كهنوت الامامة ، وايقاف احلام الطامحين بالعودة بالتاريخ للوراء .
هو إذن موعدٌ للوفاء مع الحب الاول ، والاجمل ، الوفاء لكل قطرة دم سالت على تربة الوطن ، وتجديد لعهدنا الدائم باستعادة الجمهورية التي تحاول اطفاء شعلتها الأيادي السوداء ، خريجو كهوف الموت ، الأتون من حقب التاريخ الأشد قتامة ، حقبة الامامة .
حل سبتمبر من جديد حاملاً ذكرى تحررنا من الكهنوت الإمامي البغيض الذي جثم على وطننا ، مع فارق ان صنعاء عاصمة الجمهورية لن تستطيع الاحتفال بهذه المناسبة ، .
صنعاء في عيدها السبتمبري لم تعد صنعاء التي نعرف ، اليوم هي أخرى ، كئيبة ، متشحة بالسواد ، تتلفع بردائها الملطخ بسوء فعال الاماميين الجدد ، عاشقاها القهر والظلم ، وعلى جبينها شعارات الموت والدمار ، وفوق خدودها المحمرة دموعها الحرى .
الإماميون الذين ثرنا عليهم في 26 سبتمر عاودوا الكرة ، الوجوه نفس الوجوه ، والثياب المتسخة بعار الكهنوت وغبار التسلط هي نفس الثياب ... ولا فرق .
لو عاد الشاعر عبد الرحمن الأنسي من جديد لما سأل عن اجبته في ( ربى صنعاء ) وما طلب رد لجوابه فالجواب "بائن من عنوانه" كما يقولون ، وأحبة "رُبى صنعاء" يقاسون ظلم برابرة العصر الآتون من خلف التاريخ ، ومن وراء كهوف الحضارة .
يسكن"أحبة ربى صنعاء" خوفٌ من الآتي، وترقب لما تبدعه عقول برابرة العصر .
الخوف يستوطن الصغار ، والكوابيس تقلق نومهم ليلا، وفي الصباح يهجم عليهم الكابوس بشحمه ولحمه متمنطقاً سلاحه المنهوب من جمهوريتنا السبتمبرية ، فيخطف أباهم ، وينهب أثاثهم ، ويفجر منزلهم .
الذين بشروا بالمدنيين الجدد جفت أحبارهم من هول ما حدث ، والمرأة البسيطة التي رددت الصرخة يوما تمنت لو أنها كانت خرساء حين رأت صنعاء تبكي من هول ما فعلوا .
المقهى الأنيق في شارع الزبيرى لم يعد يرتاده المثقفون ، وإن حلُّو فيه فكأن على رؤسهم الطير ، يأكلون من فتات الخبز ما تيسر ، ثم يرحلون صامتين ، وفي باب اليمن لم يعد بائعوا الخرد يضحكون كعادتهم ، فقط يتهامسون عن المستقبل ، وعن الخيانة ، والسلاح المنهوب ، وعن دولة تداعت ، وأمراء خانوا ..... ووجع لا ينتهي .
الكابوس الذي سلب صنعاء ألقها في سبتمبر المجيد له إسم كإسمنا ، وجسم كجسمنا ، لكنه لا يؤمن إلا بسيده المختبئ في كهوف مران ، ولا يجيد الا القتل والنهب ، وقاموس متشعب من الأذي .
الشاعر أحمد المفتي تمنى يوما العودة من "تهامة لسفح صنعاء اليمن" ولو عاد به التاريخ لفرَّ هارباً الى تهامة أو سمارة أو حتى صحراء الجوف ، فصنعاء لم تعد "منزل حوى كل فن"، بل أضحت ساحة لكل فنون الظلم ، والنهب ، والتمييز ، واشياء أخرى .
يوما ما -ويوشك أن يكون قريباً- سينتهي كل هذا البؤس ، وستعود صنعاء ضاحكة مشرقة تلفظ كل مايأفكون من مخلفات الإمامة ، فكراً واشخاصاً وأدوات ، ووقتها سنحتفل وإياها بالعودة لحضن الجمهورية ، وستعود مليشيا الموت الى جحورها وكهوفها يلفحها الخزي والعار ، ويدفعها دفعاً خوفها القديم الجديد من اشراقات شمس الحرية والجمهورية .
لك يا وطن الحب نرسل تحايا المحبين في يوم عيدك السبتمبري ..
سنرفع اسمك فوق عنان السماء ، ونرسم لك ابتسامة فرح فوق قرص الشمس الساطعة ، وعلى جبالك وسهولك سنغني للثورة وللجمهورية ، ومن على الشرفات سنثر على ترابك الغالي قبلات الود والحب والهيام .
لك في عيدك السبتمبري تهاني الأحرار ، وقبلات الثوار ، وعليك السلام في كل اطلالة صبح ، واشراقة شمس .
دمتم. سالمين ..
لاتنسى مشاركة: حديث خالص عن 26 سبتمبر على الشبكات الاجتماعية.
التعليقات (0)
أعجبني / لايعجبني
ماهو تفاعلك مع هذا ؟