فيروس كورونا: ما هي مخاطر تخفيف قيود الحظر والإغلاق؟

فيروس كورونا: ما هي مخاطر تخفيف قيود الحظر والإغلاق؟
فيروس كورونا: ما هي مخاطر تخفيف قيود الحظر والإغلاق؟

جيمس غالغر مراسل الشؤون العلمية والطبية بي بي سي


مصدر
الصورة Getty
Images

Image caption زبائن في سوق بمدينة ليدز شمالي
إنجلترا


إجراءات الإغلاق جراء فيروس كورونا المستجد بدأت تشهد تخفيفا.
أصبحنا نقابل المزيد من الناس في أنحاء المملكة المتحدة. وفي
إنجلترا بدأ بعض الأطفال في العودة إلى المدارس، ومرة أخرى فتحت
معارض السيارات والأسواق المكشوفة أبوابها مجددا للزائرين.

إلا أن بعض العلماء، حتى أولئك الذين تستشيرهم الحكومات، متحفّظٌ
على قرار تخفيف الإجراءات ويصفه بـالمتسرع.

نائبُ كبير المسؤولين الطبيين في إنجلترا يصف عملية تخفيف القيود
بـ "اللحظة الخطرة".


ما مدى خطورة الوضع الراهن؟

الأوضاع أفضل بكثير عما كانت عليه مع تطبيق الحظر في مارس/آذار؛
وقد كان متوسط أعداد الإصابات اليومية في إنجلترا آنذاك يصل إلى
نحو مئة ألف، حينها أعلن بوريس جونسون فرض قيود صارمة على حركة
الحياة اليومية. أما الآن، فإن متوسط أعداد الإصابات اليومية
يناهز ثماني آلاف إصابة.

يقول آدم كورشارسكي، باحث في كلية لندن لحفظ الصحة وطب المناطق
الحارة، لبي بي سي: "المعدل تراجع بنحو أكثر من عشرة أمثال، لكن
الرقم ما يزال كبيرا".

وباتت سرعة انتشار الفيروس أقل بكثير مما كانت عليه إبان قرار فرض
الإغلاق؛ وقد كان عدد المعرضين للعدوى من كل شخص مصاب "ثلاثة"
أشخاص، مما يعني أن كل عشرة مصابين كانوا قادرين على نقل العدوى
لنحو ثلاثين آخرين.

أما الآن فإن عدد المعرضين للعدوى من الشخص المصاب يتراوح بين 0.7
إلى 0.9، مما يعني أن كل عشرة مصابين قادرون على نقل العدوى لنحو
ثمانية آخرين فقط.

ومع ذلك، يحذر باحثون في جامعة أوكسفورد من مغبة رفع الإغلاق،
مشيرين إلى أن نظام التحذير الحكومي من فيروس كورونا (والمؤلف من
خمس درجات) لا يزال عند الدرجة الرابعة ولم يصل بعد إلى الدرجة
الثالثة التي يمكن عندها تخفيف إجراءات التباعد الاجتماعي.


مكمن الخطورة

كبير المستشارين العلميين في الحكومة البريطانية، السير باتريك
فالانس، يرى أنه "لا توجد مساحة" للمناورة، وأن الإحصاءات تدعو
إلى "توخّي الحذر".

يقول فالانس: "لا نزال نرى إصابات جديدة بمعدلات كبيرة كل يوم"،
ويحذر من عودة ارتفاع أعداد الإصابات مجددا.

ولا شك أن إجراءات الإغلاق تعني الاتصال بمزيد من الأشخاص، وهذا
بدوره يزيد فرص انتشار الفيروس على نحو لا يعلم أحد مداه على وجه
الدقة.

وتحيط الضبابية في هذا الشأن أكثر ما تحيط بعودة افتتاح المدارس،
وأيضا بالطريقة التي سنتعامل بها مع الفيروس بعد تخفيف القيود.

ويحذر باحثون سلوكيون من أن 50 في المئة فقط من البريطانيين
يعزلون أنفسهم لسبعة أيام لدى إصابتهم بالفيروس.


مبعث القلق لدى الباحثين

عندما بدأ تفشي الوباء، التزم السياسيون والباحثون بالسير جنبا
إلى جنب متبعين النهج ذاته إزاء الفيروس. أما الآن فالجانبان
يتباعدان وتزيد الفجوة بينهما يوما بعد آخر؛ بين ناصح للحكومة
و"مؤيد للعلم".

أكثر من عشرة أعضاء في لجنة "سيدج" العلمية، التي تستشيرها
الحكومة البريطانية، حذروا قائلين إنه ينبغي الانتظار ريثما يعمل
"نظام الفحص والتتبع" بكامل طاقته وتتناقص أعداد الإصابات.

يقول الباحث كالوم سيمبل: "حرفيا، نحن نرفع الغطاء عن قِدرٍ تغلي،
وستتطاير الفقاقيع".

وهناك احتمال كبير أن تتمخض عملية رفع الإغلاق الآن عن استمرار
أعداد الإصابات اليومية في بريطانيا على معدلاتها الراهنة عند
ثماني آلاف إصابة.

وإذا ما أدت عملية تخفيف القيود إلى اقتراب أعداد المعرضين للعدوى
من كل مصاب إلى "واحد"، فإن ذلك يعني بقاء أعداد الإصابات اليومية
في بريطانيا عند ثماني آلاف.

أما الانتظار لحين مزيد من التراجع في أعداد الإصابات، فهو كفيل
بتسهيل مهمة السيطرة على الفيروس وإتاحة المزيد من الوقت للتصدي
له حال نشوء موجة انتشار ثانية. لكن ذلك يعني الإبقاء على عملية
الإغلاق لمدة أطول.


ماذا عن تعقّب عمليات
اتصال المصابين بغيرهم؟

ثمة أيضا ضابية تحيط بمدى فعالية عملية تعقُّب المصابين عبر
اتصالاتهم في المملكة المتحدة.

وتستهدف هذه العملية الاستعاضة عن فرض الإغلاق على الجميع بعزل
البعض، عن طريق التعرف بسرعة على كل مَن يخالط شخصا مصابا وإخضاعه
للحَجر الصحي.

وهي استراتيجية نجحت في تطبيقها عدة دول آسيوية لاحتواء فيروس
كورونا، ومن هذه الدول كوريا الجنوبية التي لم يتجاوز تعداد
وفياتها جراء الإصابة بالفيروس 270 شخصا مقارنة بنحو 39 ألفا
سقطوا في المملكة المتحدة.

ومع ذلك يرى البعض أنه لا يجب انتظار نتائج متطابقة لتجربة كوريا
الجنوبية؛ فالمملكة المتحدة لا تستخدم نظام جي بي إس الخاص بتحديد
المواقع للاطمئنان إلى أن الناس سيلتزمون بالإرشادات، على النحو
المعمول به في كوريا الجنوبية.


هل نحن في انتظار موجة ثانية من تفشي الوباء؟

لا تزال أعداد مَن تعرضوا للإصابة بالفيروس قليلة، ومن ثم فإن
المناعة ضده لا تزال منخفضة.

هذا بدوره يعني إمكانية قدوم موجة ثانية من تفشي الوباء، لكن ذلك
يتوقف على ما تتخذه الحكومة من قرارات ورد فعلنا على تلك
القرارات.

وتتمثل الاستراتيجية في طرْح التدابير بشكل تدريجي ثم مراقبة ما
يحدث.