المكسب السياسي من مؤتمر المانحين: المجتمع الدولي يتعامل مع سلطة واحدة
متابعات
يركز كثيرون على مدى استفادة الدول اقتصادياً من مؤتمرات المانحين، ذلك إن هدف تنظيم مؤتمر المانحين هدفاً اقتصاديا بالدرجة الأولى، حيث تعلن الدول عن تبرعاتها ومساعدتها للدولة المعنية بذلك، هذا ما يبدو عندما تكون الدولة في حالة شبه طبيعية، أو ربما تعيش وضعا مضطرباً ولكن سلطتها موحدة ولا يوجد أدعياء ينازعونها السلطة وإن انتشرت بداخل الدولة حركات تمرد ممولة خارجياً.
في مؤتمر المانحين 2020 الذي نظمته المملكة العربية السعودية، لليمن، الوضع يختلف تماماً عن مؤتمرات سابقة، وإلى جانب المكسب الاقتصادي، هناك مكسباً آخر لا يقل أهمية عنه، وهو المكسب السياسي، حيث يتعامل المجتمع الدولي مع سلطة واحدة ويعزز من شرعيتها.
وأتى مؤتمر المانحين لليمن 2020، في وضع استثنائي تعيشه الجمهورية اليمنية، فإلى جانب سيطرة ميلشيات الحوثي المدعومة من إيران على العاصمة صنعاء وإعلان نفسها سلطة أمر واقع، واستيلائها على مؤسسات الدولة واتخاذ الكثير من القرارات الطائشة منزوعة الشرعية من بينها "تعيين رئيس ورئيس وزراء" ولعبها دور السلطة، مع أن العالم كله يصنفها كمليشيا، وأن الشرعية الدولية ممنوحة فقط للشرعية المتمثلة برئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي والحكومة الممثلة برئيس الوزراء معين عبدالملك، إلى جانب تنصيب الحوثيين أنفسهم كسلطة في صنعاء يعلن ما يسمى بالمجلس الانتقالي "إدارته الذاتية" في عدن، لينصب نفسه سلطة هناك!.
كل السلطات تبقى زائفة، مهما استغلت وضع الدولة، ذلك أن القانون الدولي يمنح شرعيته لسلطة واحدة يعترف بها، وبالتالي فإن مليشيا الحوثي في صنعاء والمجلس الانتقالي في عدن، جماعات خارجة عن القانون، وكل ما يقومون به لا قيمة له، ذلك أن المجتمع الدولي منح شرعيته لسلطة الرئيس هادي وحكومة معين عبدالملك.
في هذا السياق، جاء مؤتمر المانحين الأخير، مؤكدا للشرعية، من خلال تعامل المجتمع الدولي مع الرئيس والحكومة ومؤسساتها كممثلين عن الدولة، والواضح أن الحكومة وضعت نصب أعينها على تعزيز هذه المكسب، حسب تشديد كلمة رئيس الحكومة، والإشارات التي وردت فيها، حيث جدد الدكتور معين عبدالملك "الدعوة للدول المانحة والمنظمات الدولية للوصول مع الحكومة اليمنية إلى خطة مشتركة، وتبني سياسات مناسبة، وإنجاز رؤية متكاملة؛ لتوظيف المنح والمساعدات بطريقة فعالة تخفف من معاناة الناس، وتحسِّن من شروط الحياة في ظل الانقلاب والحرب؛ فقد أثبتت التجارب أن مساندة المؤسسات لاستعادة دورها في تقديم الخدمات هو الأكثر نجاعة، ويحقق استدامة ويضمن استمراريتها".
التركيز على مؤسسات الدولة، والتأكيد على تمثيلها على نحو أمثل، يشير إلى سعي مدروس تقوم به الحكومة لتحقيق مكاسب أخرى غير الاقتصادية من مؤتمر المانحين، من بينها توطيد علاقتها مع المجتمع الدولي أكثر فأكثر، وللتأكيد على ذلك، ركزت كلمة معين على تعداد ما قامت به وسط الظروف المضطربة وما تواجهه من عوائق، وذكر الكثير من التفاصيل بشفافية لتعزيز الثقة أمام ما يزيد عن 126 جهة منها 66 دولة و 15 منظمة أممية و 3 منظمات حكومية دولية و أكثر من 39 منظمة غير حكومية، بالإضافة إلى البنك الإسلامي للتنمية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، وهي الجهات التي شاركت في مؤتمر المانحين.
ولم يستمر الأمر هنا، إذ امتد إلى ما بعد مؤتمر المانحين، حيث أجرى رئيس الوزراء اتصالا بوزيرة التعاون التنموي الهولندية لبحث نتائج المؤتمر، ومناقشة الأوضاع في اليمن، كما ناقش مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش النتائج ذاتها، في خضم تداعيات أزمة كورونا واستمرار مليشيا الحوثي الانقلابية في رفض كل المبادرات لتوحيد الجهود المشتركة لمواجهة الجائحة إضافة إلى الكارثة البيئة الوشيكة جراء استمرار الحوثيين في منع فرق الرقابة الأممية من صيانة خزان صافر.
كما تلقى رئيس الوزراء اتصالا هاتفيا من وزير الدولة للشؤون الخارجية الألماني، وبعد مناقشة المستجدات ونتائج مؤتمر المانحين أوضح وزير الدولة للشؤون الخارجية الألماني نيلز انان، أن الحل في آخر المطاف بيد اليمنيين ولا يمكن أن تكون المساعدات الإنسانية بديل عن استعادة الدولة والاقتصاد والحياة الطبيعية في اليمن.
عزز مؤتمر المانحين دعمه للشرعية كما تشير النتائج، وحققت الشرعية الكثير من المكاسب من بينها السياسية، وأوضح المجتمع الدولي أنه يتعامل مع سلطة شرعية واحدة، وأن الحركات الطارئة التي ترتدي أقنعة السلطة، حركات زائفة، لكن السؤال الأبرز: كيف ستترجم الشرعية المكاسب على الأرض وما مدى استفادتها من مؤتمر المانحين لاستعادة كل مؤسسات الدولة؟
لاتنسى مشاركة: المكسب السياسي من مؤتمر المانحين: المجتمع الدولي يتعامل مع سلطة واحدة على الشبكات الاجتماعية.
التعليقات (0)
أعجبني / لايعجبني
ماهو تفاعلك مع هذا ؟