الكويت: لماذا التأخر في تعيين المرأة في القضاء؟

الكويت: لماذا التأخر في تعيين المرأة في القضاء؟
الكويت: لماذا التأخر في تعيين المرأة في القضاء؟

متابعات

تصدّرت أسماء 8 نساء كويتيات وصورهن عناوين الأخبار المحلية في الكويت، وكذلك في التغريدات على تويتر فور الإعلان عن قرار تعيينهن كأول قاضيات في البلاد.

ووُصفت هذه الخطوة بالتاريخية، إلا أنها لم تكن مفاجئة؛ فالتغيير الحقيقي كان قد بدأ عام 2014 عندما سُمح للمرأة لأول مرة بالتقدم إلى امتحان لانتقاء "وكيل نيابة"، فبشكل تلقائي يمكن التقدم لدخول السلك القضائي بعد مرور عدة سنوات على العمل كوكيل نيابة، كما يشرح حقوقيون لبي بي سي نيوز عربي.

وقد كان السماح للنساء بالتقدم لوظيفة وكيل النيابة هو الحدث الأبرز، وكانت هناك قصة وراء ذلك التغيّر.

نساء جددن النقاش حول إمامة المرأة للرجل في الصلاة

ففي عام 2006 تقدمت طالبة حقوق بطلب لتصبح وكيلة نيابة، لعدم وجود مانع في القانون "رغم أنه كان يسود شعور جمعي أنه لا يحق للمرأة التقدم إلى ذلك المنصب"، وفقا لما يرويه فواز الجدعي، وهو أستاذ القانون الدستوري في جامعة الكويت الذي يقول : "كانت حجة الشابة أن القانون لا يشترط الذكورة، في حين أن إعلان المسابقة كان يشترط ذلك، لذلك رفعت دعوى قضائية على وزارة العدل لأنها رأت أن الإعلان خالف القانون .. لكن المحكمة حاولت التنصل".

تلك الحادثة نوعا من الزخم أثناء نقاش الموضوع حينها. وبعدها بنحو سبع سنوات، سُمح للنساء بالتقدم لمنصب وكيل النيابة. واليوم، وبعد مرور أكثر من خمس سنوات على ذلك القرار، عيّنت مجموعة منهن كقاضيات.


والقاضيات الجدد هن: فاطمة الكندري، وبشاير صالح الرقدان وبشاير محمد وفاطمة الفرحان وسنابل بدر الحوطي وفاطمة صغير ورؤى الطبطبائي ولولوة الغانم.

ومن المقرر أن يبدأن عملهن في شهر سبتمبر/أيلول بعد دورة تدريبية في الصيف.

وتقول الصحفية الكويتية، بدور المطيري، لبي بي سي إنها تعتقد أن هذه الخطوة "حقيقية" وليست شكلية، لأن النساء "حصلن عليها بالتدريج بفضل نجاحهن بعملهن ولم يكن الأمر محاباة ولا تزكية، ولم يكن الأمر صدفة".

وربما كان عدد القاضيات فقط مفاجئا؛ إذ أن تقارير صحفية سابقة كانت قد تحدثت عن تعيين ثلاث قاضيات - لا ثماني.

حاولتُ الحديث مع بعضهن دون أن أحصل على أي رد، ويبدو أن البروتوكول المتبع في الكويت لا يسمح للقضاة بالحديث مع الإعلام "لضمان الحياد"، كما تشرح الصحفية بدور.

شكرا كبيرة لكل من بارك لنا بتعيين كريمتنا فاطمة في القضاء ، مقدرا لهم جميعا الكلمات الطيبة التي قيلت عنها وعن زميلاتها اللاتي تقلدن المنصب في حدث تاريخي للكويت ، عليهن مسئولية كبيرة في اثبات جدارتهن وإقامة العدل وإحقاق الحق
— Dr.Faisal Alkandari (@faisalkandari) ٣٠ يونيو ٢٠٢٠

نهاية تويتر الرسالة التي بعث بها @faisalkandari

جدلية ولاية المرأة

تأخرت الكويت كثيرا عن معظم الدول العربية التي عيّنت قاضيات منذ عقود طويلة. فالعراق، مثلا، عيّن زكية إسماعيل حقي أول قاضية في البلاد في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي.

تقول الصحفية، بدور المطيري، إن المرأة الكويتية "مرت بنضال سياسي طويل، وبأجواء حرمتها من المشاركة السياسية.. لكنها دخلت مجال السياسة عندما سمح لها لأول مرة بالتصويت وكان ذلك عام 2005".

ويعتقد فواز أن الكويت كان من المفترض أن تعين نساء كقاضيات "منذ نحو ثلاثين عاما.. ولكن حصلت موجة أسلمة اجتاحت الخليج بعد الثورة الإسلامية في إيران وطغى الخطاب الديني، ولم تعد تناقش قضايا المرأة بل أصبحت تلك المواضيع حبيسة الأدراج".

في عام 1961، عين المغرب أول قاضية؛ ثم اتخذت تونس هذا القرار عام 1968، وسورية عام 1975، وعيّن الأردن قاضية في أواخر التسعينيات. أما مصر فلم تعيّن أولى قاضياتها قبل عام 2003.

كما سبقت دول خليجية عدّة الكويت في هذه الخطوة؛ فعام 2006 عُيّنت منى جاسم محمد الكواري قاضية في محكمة الأحداث، لتصبح أول بحرينية وأول خليجية تتولى منصبا في القضاء. وعام 2008 عيّنت أول قاضية إماراتية، وبعدها بسنتين أدخلت قطر المرأة إلى سلك القضاء.

ومع ذلك، لا يزال موضوع أن تتولى امرأة منصب القاضي أمرا جدليا.

فبعد الإعلان عن تعيين القاضيات في الكويت، غرّد ماجد المطيري، وهو عضو مجلس الأمة، داعيا "للنظر في كافة الاعتبارات الشرعية والقانونية قبل الموافقة على تحويل وكيلات نيابة إلى قاضيات"


 

ليس انتقاصا من قدرات المرأة، بل مراعاة لمقاصد الشريعة الغراء بتوجيه تلك القدرات التوجيه الصحيح، لذا ندعو الإخوة في مرفق القضاء للنظر في كافة الاعتبارات الشرعية والقانونية قبل الموافقة على تحويل وكيلات نيابة إلى قاضيات، فكيف إن كانت قاضية أن تحكم بطلاق النساء وهي لاتملك طلاقها.
— ماجد مساعد المطيري (@almaimoni123) ١ يوليو ٢٠٢٠

نهاية تويتر الرسالة التي بعث بها @almaimoni123

كما أصدرت كتلة "تجمع ثوابت الأمة" بيانا دعت فيه مجلس القضاء "لعدم التسرع" في قرار تولية المرأة القضاء، وفقا لصحفية الأنباء.

يعلّق د.فواز الجدعي بأن مثل ردود الفعل هذه "متوقعة جدا.. وليست مستغربة، فهناك تفسيرات لبعض الإسلاميين بأن القضاء ولاية عامة ولا تصلح ولاية المرأة في هذا المجال، وهذا الخطاب له جماهيريته. وطبعا هناك اختلافات حول هذه النقطة".

ويضيف أن الأمر يتعلق أيضا "بسياسة عامة للدولة، ومنظومة الحكم؛ فالشريعة الإسلامية مصدر رئيسي من مصادر التشريع".

كما يقول إن مثل هذا التعبير عن الرأي طبيعي بفضل "قدرة التيارات المختلفة على النقد والاعتراض على السياسات القضائية والبرلمانية وغيرها".

"العاطفة لا تمت للقضاء بصلة"

كان من أبرز التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي أنه من المستبعد تعيين هؤلاء القاضيات في محاكم الأحوال الشخصية - خاصة وأنه لم ترد بعد تفاصيل أكثر عن التعيينات الجديدة.


 

المرأةالتي لا ولايةلها في تطليق نفسها.."هل كيف" لها أن تحكم في تطليق غيرها؟

اعتقد أن دخول المرأةللسلك القضائي سيساهم في اعادةالنظر في الكثير من الأمور المسلم بها ..وإلى مزيد من التطور والتقدم.

ويشرح فواز هذه النقطة بالقول: "وجهة النظر هذه تعتمد على القياس؛ فالمرأة لا تزوج نفسها، إذ أن عقد الزواج الإسلامي ليس عقدا مدنيا، أي أن المرأة يجب أن يكون لها ولي هو والدها أو يصبح القاضي وليها.. لذا يقال: إن لم تكن قادرة على أن تزوج نفسها فكيف تزوج غيرها؟"

أما تفسيره هو لموضوع أن تصبح المرأة قاضية، فيستند إلى فكرة أن "القاضي لم يعد دوره كما كان قبل مئات السنين عندما كانت الأحكام تبنى على المعرفة المستمدة من التنقل ومقابلة الرواة. الآن كل شيء موجود ضمن منظومة تشريعية واضحة.. لم تعد مثل السابق بحاجة لجهد بدني".

ويضيف: "العاطفة لا تمت للقضاء بصلة. هناك حقائق، وهناك وقائع، وهناك قانون واضح. هذه الجدلية ليست محل نقاش.. فالمرأة التي درست الحقوق تعرف القانون والمنظومة القانونية، وتعرف كيف تصدر الأحكام.. فالأمر ليست ابتداعا، والرجل لا يصدر الحكم بالإلهام".

لذا يعتقد أن القاضيات سيعملن في محاكم الأحوال الشخصية ولو تأخر الأمر قليلا. ويقول: "وجهة نظري أنه لن يكون هناك مانع رغم أن لدي معلومات بوجود قضاة ومستشارين قدامى لديهم تحفظ كبير لدخول المرأة للقضاء ومنهم رؤساء محاكم الذين يوزعون الدوائر. ولكن إن مرت سنة ولم تدخل قاضية محكمة الأحوال الشخصية فستكون هناك علامة استفهام كبيرة".

 

 

لاتنسى مشاركة: الكويت: لماذا التأخر في تعيين المرأة في القضاء؟ على الشبكات الاجتماعية.

المصدر : bbc عربي