قانون دار الإفتاء: خلاف بين مجلس النواب والأزهر في مصر حول مشروع قانون تنظيم دار الإفتاء
متابعات
تصاعد الخلاف مؤخرا بين مجلس النواب المصري ومؤسسة الأزهر على خلفية مناقشة مشروع قانون تنظيم دارالإفتاء المصرية الذي قدمته اللجنة الدينية بالبرلمان بهدف إعادة هيكلة دار الإفتاء ونقل تبعيتها إلى الحكومة بدلامن الأزهر و"هيئة كبار العلماء"، حسب الوضع الحالي.
وقد أرسل شيخ الجامع الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، خطابا إلى مجلس النواب المصري يطلب حضور جلسة مناقشة القانون قبل إبداء الرأي النهائي فيه، لشرح وجهة نظر مؤسسة الأزهر.
ويقول الطيب في خطابه الذي نشره موقع الأزهر الرسمي عبر شبكة الإنترنت إن القانون الجديد يخلق "كيانا موازيا" لمؤسسة الأزهر وينتقص من دورها المرسخ بموجب الدستور.
ويضيف شيخ الأزهر في خطابه أن الدستور "جعل الأزهر -دون غيره- المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية والمسؤول عن الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية، في مصر والعالم".
هيئة مستقلة
تقول الحكومة المصرية إن الأصل في دار الإفتاء وقت إنشائها أنها هيئة مستقلة، لكن البعض خلط بين مؤسستَي الأزهر ودار الإفتاء، بسبب أن المفتي هو عالم من علماء الأزهر الشريف، رغم أن دار الإفتاء مستقلة تماما عن الأزهر منذ إنشائها، والقانون الجديد يقوم فقط بتنظيم الأمور بشكل قانوني ويساعد دار الإفتاء على المضي قدما في التنفيذ
وكان مجلس الدولة قد أبدى تحفظه على قانون تنظيم دار الافتاء المحال إليه لأخذ الرأي في مدى دستوريته.
وقال مجلس الدولة في مذكرته التي أرسلها إلى البرلمان نهاية شهر يوليو/تموز الماضي إن القانون الجديد به "عوار دستوري"، ويصطدم صراحة مع نص المادة السابعة من الدستور التي تنص على أن "الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شؤونه، وهو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، ويتولى مسؤولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم ..."، كما أن القانون يخالف بعض مواد قانون تنظيم الأزهر والهيئات التابعة، الصادر في العام 1961.
وأوضحت مذكرة مجلس الدولة أن مشروع القانون الذي يجري التصويت عليه يخلق كيانا موازيا للأزهر ينازعه في اختصاصاته التي حددها الدستور.
وقال أسامة العبد، رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، في تصريحات صحفية اليوم الاثنين، إن الدكتور على عبد العال، رئيس المجلس، أعاد مشروع قانون تنظيم دار الإفتاء المصرية إلى اللجنة للنظر فى ملحوظات قسم التشريع بمجلس الدولة وإعداد تقرير بذلك.
وأعلن العبد أن المجلس لن ينظر مشروع قانون دار الإفتاء فى الجلسة العامة للمجلس اليوم، كما كان متوقعا.
"حرب" بين الأزهر والأوقاف
ويقول الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر إن البعض يستغل قانون تنظيم الفتوى ويناقشه إعلاميًا وصحفيًا كما لو أن هناك حربا بين الأزهر والأوقاف
وأضاف شومان أن البعض ادعى أن هيئة كبار العلماء تمنع الأئمة بوزارة الأوقاف من الإجابة على أسئلة المصلين وجماهير الناس الذين يلتقونهم في ندواتهم ومجالسهم، فضلا عن بيان أحكام شريعة الإسلام في خطبهم، وهذا غير صحيح على الإطلاق على حد قوله.
وأشار وكيل الأزهر إلى أن الخلاف الحقيقي هو في تحديد الجهة التي ترخص للمؤهلين بالإفتاء من خلال وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وهو أمر ضروري ولا توجد دولة في العالم تعاني من فوضى وعشوائية الإفتاء كما هي الحال عندنا.
وأوضح شومان أن الدستور المصري حسم هذا الأمر من خلال المادة السابعة التي تقول إن الأزهر هو المعني بنتظيم هذه الأمور ، لكن الأوقاف تختص بمنح تصاريح الخطابة والإفتاء للأشخاص من غير العاملين في مجال الوعظ الديني.
ويقول النائب محمد أبو حامد عضو لجنة الشؤون الدينية في البرلمان إن هناك اتجاها لتمرير قانون تنظيم دار الإفتاء خلال دَور الانعقاد الحالي، وذلك تحقيقا للمصلحة العامة ولتكريس نوع من الاستقلالية لدار الإفتاء المصرية للقيام بدورها الديني والتنويري بعيدا عن هيمنة أي مؤسسة أخرى بالدولة.
الفتوى والأوقاف
يقول رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف المصرية جابر طايع إن الوزارة قدمت لمجلس النواب من المستندات والحجج والأسانيد ما يؤكد حق علمائها وأئمتها في الفتوى، وأن المصلحة الشرعية والوطنية معا تقتضي عدم إقصاء الأئمة أو تحجيم تبعيتهم لجهة واحدة فقط.
ويرى طايع أن أي إقصاء للدعاة وقصر الاختيار على هيئة كبار العلماء فقط يفسح المجال لفتوى غير المتخصصين، كون الأئمة هم الأقرب إلى الناس بحكم معايشتهم لهم داخل المساجد.
ويوضح طايع أن مئات الأئمة ينشرون الفكر الوسطي ويقومون بعملية الإفتاء فعليا داخل المراكز الإسلامية بمختلف دول العالم، وفِي المساجد الكبرى على مستوى الجمهورية.
أما رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب أسامة العبد فأكد خلال مناقشة اللجنة لمقترح قانون تنظيم دار الإفتاء أن اللجنة اعتمدت ما قدمته وزارة الأوقاف بحق العلماء التابعين لها في الإفتاء ومن ثم تم الابقاء على "إدارة الفتوى بالأوقاف" في مشروع القانون الجديد.
تبعية دار الأفتاء
وشهدت جلسات مناقشة القانون سجالا قويا بين ممثل الأزهر بالبرلمان والدكتور أسامة العبد رئيس اللجنة الدينية مقدم مشروع القانون حول مسألة تبعية دار الافتاء المصرية.
حيث اقترح مقدم التشريع أن تكون تبعيتها لوزارة العدل المصرية لتحقيق الاستقلالية الكاملة للشؤون المالية والإدارية لدار الافتاء بما يمّكنها من أداء دورها بشكل صحيح دون تقيد بأي مؤسسات أخرى في الدولة.
بينما أصر ممثل الأزهر خلال المناقشات البرلمانية على أن دار الإفتاء جزء من المؤسسة الدينية في مصر، وأن تبعيتها هي لهيئة كبار العملاء ومؤسسة الأزهر بموجب الدستور وقانون إعادة تنظيم الأزهر وهيئاته الصادر في عام 1961 وتعديلاته.
وحسم رئيس مجلس النواب علي عبد العال هذا الجدل بإعلان موافقة المجلس على مقترح الحكومة بتبعية دار الإفتاء المصرية إلى مجلس الوزراء.
وقال عبد العال في تعليقه على النقاش: "إننا لا ننال من استقلال الأزهر، فنحن نناقش مسألة خاصة بدار الإفتاء، وكل ما نبحثه الآن الاستقلالية المالية والإدارية لدار الإفتاء، وأخذنا بما قدمه ممثل الأزهر وجعلنا تبعيتها لمجلس الوزراء، ووصلنا لصيغة توافقية لإرضاء المؤسستين.
ويقع القانون الجديد في نحو 23 مادة وقدمه أسامة العبد رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب وعضو تحالف دعم مصر المؤيد للحكومة المصرية، وكان قد شغل في فترة سابقة منصب رئيس جامعة الأزهر.
شخصية اعتبارية
يعرف القانون دار الإفتاء بأنها هيئة تتمتع بالشخصية الاعتبارية تتبع مجلس الوزراء، وتتمتع بالاستقلال الفني والمالي والإداري، ومقرها الرئيسي محافظة القاهرة، ولها أن تنشئ فروعًا في المحافظات.
كما حدد القانون اختصاصات دار الإفتاء و تتضمن :"إبداء الرأي الشرعي فيما يرد إليها من استفسار، وتقديم الاستشارات الشرعية في شأن المعاملات المالية المعاصرة، ومساعدة الأفراد والمؤسسات في كيفية حساب الزكاة، وإعداد الوصية عن طريق الحساب الشرعي، وإجراء الأبحاث الشرعية المتعلقة بالفتوى والرد على الشبهات المثارة.
كما يخول القانون الجديد لدار الإفتاء المصرية تقديم الاستشارات الدينية في كل ما يتعلق بالمجال الأسري، وتسوية المنازعات بين الأفراد التي تُعرض عليها، وإبداء الرأي الشرعي في القضايا والمسائل الواردة إليها من المحاكم والنيابات، ومن الجهات والمؤسسات الحكومية، واستطلاع أهلّة الأشهر العربية، وإصدار البيانات الشرعية بتحديد أول كل شهر عربي، وحساب تحديد أوقات الصلوات في أنحاء الجمهورية، بالتعاون مع الهيئة المصرية العامة للمساحة، وإعداد المفتين وتأهيلهم.
لاتنسى مشاركة: قانون دار الإفتاء: خلاف بين مجلس النواب والأزهر في مصر حول مشروع قانون تنظيم دار الإفتاء على الشبكات الاجتماعية.
التعليقات (0)
أعجبني / لايعجبني
ماهو تفاعلك مع هذا ؟