المعلم علي... خيّاط في زمن لا يُشبهه

المعلم علي... خيّاط في زمن لا يُشبهه
المعلم علي... خيّاط في زمن لا يُشبهه

متابعات

اتّخذ علي كرنيب من الخياطة مهنة منذ خمسين عاماً، متنقّلاً بين كورنيش المزرعة وباب إدريس ومنطقة الحمرا ومعه ماكينة الخياطة والطبشور ومجموع الأبر والخيطان الملوّنة. لم يعتقد يوماً أن مهنة تفصيل الملابس واختراع السترات والبدلات ستتبدّل أحوالها، لتقتصر على تصليح القطع الجاهزة وتقصير السراويل و«تظبيطات أخرى ما بتطعمي خبز».

في محله، قرابة مبنى جريدة «السفير» سابقاً، يجلس علي خلف ماكينته بوضعية المخضرم. يقلّب الأقمشة ويروّس زوايا قطع الملابس ويدسّ الخيطان فوق شوائبها، ومن خلفه تتكدّس أمتار من الأقمشة شاء القدر ألا تتحوّل إلى قميص أو سروال، إذ أن طلبات التفصيل هي شأن الزمن الجميل وأيام «الجخ»، وهي مرحلة زالت مع ارتفاع الاستهلاك على البضاعة الجاهزة والمستوردة.

بريستيج المهنة
يتنقّل «المعلّم» حاملاً سيجاره بين زوايا المحل، مستقبلاً زبائنه على أساس مواعيد البروفا المسبقة أو مواعيد أخذ القياس. يتلقّى بدل أتعابه شيكاً من الزبون الراقي، ومبلغ بخشيش للعمال المساعدين. هذه الذكرى منذ أول أيام فترة التدريب هي التي فتحت عينيه على مهنة راقية تستحقّ أن تكون مهنته مدى الحياة. يُخبرنا الخياط عن «العز» الذي رافقه أولى فترات عمله، وهو بريق لم تستطع حتى سنوات الحرب الأهلية اللبنانية أن تسرقه، لكن الوضع الاقتصادي الحالي يقرّب زواله. فبعد أن كان يتقاضى حوالى 800 دولار لتفصيل بدلة على القياس للزبون، أصبح يكتفي بتنفيذ طلبات تعديل وتصليح بمعدل 10 آلاف ليرة تليها حالة استغراب و«تصفير»، اعتراضاً على السعر!

مستقبل المهنة
تسلّطت أضواء مهرجان Met Gala 2019، أحد أهم المهرجانات العالمية التي تُعنى بالموضة والأزياء، حول خمسة فساتين من تصميم «زاك بوسن» استندت إلى تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد التي تعتمد على آلة الطباعة الذكية بعد تزويدها بالمواد والتصاميم اللازمة.
تدخل مواد البلاستيك بصورة أساسية في عملية التنفيذ، بعد أن يقوم برنامج إلكتروني يحتوي على التصميم بمحاكاتها بغية المباشرة بالتنفيذ. تقوم آلة الطباعة هذه بتطبيق فكرة التصميم على شكل مجسّم بلاستيكي مستخدمة الحرارة والليزر لإذابة وتجميد المواد المستخدمة، وتكديس الطبقات التي ستؤلّف هذا النموذج طبقة فوق أخرى، وبحسب مواصفات المقاسات التي جرى إدخالها

معظم التصاميم التي يجري تنفيذها حالياً هي أقرب إلى الأشكال الجامدة والهندسية منها إلى الأشكال الليّنة والأنسجة الطريّة التي نعرفها، لكن تطور التقنيات أدى بهذه التكنولوجيا إلى تطوير المواد المستخدمة شيئاً فشيئاً. ويذكر موقع futur404 أن شركتي صناعة الأحذية «كريبوك» و«أديداس» دخلتا عالم طباعة الأحذية الثلاثية الأبعاد من باب استخدام مواد صمغية سائلة، جرى تعريضها للأشعة ما فوق البنفسجية بغية تجميدها، بالتالي تكون النتيجة حذاء ليّناً قابلاً للطي.
تسمح الطباعة الثلاثية الأبعاد بتقديم مُنتجات حسب الطلب، كالخدمة التي تقدمها EXOCET لصناعة الحقائب النسائية، وهي تسمح للزبون باختيار شكل الأكسسوار الذي سيُضاف إلى الحقيبة المصنوعة بأغلبها من النايلون المُقوّى والـPEBA (بلاستيك ليّن) يضاف إليها شكل الإكسسوار المطلوب. أما بالنسبة إلى الملابس، فتقول ليديا ماجيان في مقالها The Rise of 3D Printing in Fashion "إن صناعة الملابس من خلال الطابعة كسرت لدى المصمّم حواجز عدة ما كانت لتحدث وفق أساليب الخياطة التقليدية كاختراع ملابس ذات أشكال هندسية أو استخدام مواد ضد المياه أو حتى لصق عدة مواد لا يمكن لصقها عادة باستخدام الخيط والإبرة.
تصنع هذه الآلات الألبسة بمواد جديدة غير مألوفة، وتضيف إلى القطعة عينها عدة مواد من البلاستيك وغيره، لكن لا مهرب حالياً من الحاجة إلى اليد البشرية التي لا تزال تدخل في خياطة المطابع لدمج المواد وتعديل تفاصيلها، ولربط الأجزاء المكوّنة للمادة ذات النوعيات المختلفة، بالإبرة والخيط.

 

لاتنسى مشاركة: المعلم علي... خيّاط في زمن لا يُشبهه على الشبكات الاجتماعية.

المصدر : الأخبار